–
عندما نفكر كيف الموسيقى تغير الطريقة التي نشعر بها، ماذا يخطر على بالك أولاً ؟ هل هي أغنية معينة، ربما واحدة من تلك الأغاني في قائمة التشغيل الخاصة بك ؟
او ربما تتغير أفكارك نحو سبب سماعك للموسيقى، للشعور بالرضا، لتحفيز نفسك أو لمساعدتك للتغلب على المشاعر المعقدة، أو ربما تكون الفكرة الأكثر عمومية هي أنَّ الموسيقى، “علاجك”، شي تلجأ اليه لأنه يساعدك على الشعور بالتحسن.
بصفتي معالجًا بالموسيقى، إعتدتُ التفكير والنظر في تأثير الموسيقى على حياتنا العاطفية اليومية.
يتعلق هذا بشكل عام بكيفية تأثير الموسيقى على مزاجنا ويمكن أن تغير مشاعرنا أما من خلال تصميمنا (أي أننا نريد ذلك) أو عن غير قصد (على سبيل المثال عند سماع الموسيقى في المطعم).
لذلك في مقابلتي مؤخرا من أجل مسلسلٍ وثائقي قصير، كان من المنعش بالنسبة لي أن أتذكر طرق أخرى للتفكير حول العلاقة بين الموسيقى وعواطفنا، وهي ثلاث طرق.
– القدرة الموسيقية على التنبؤ
أحد المجالات التي يجب استكشافها هي لماذا تأثر الموسيقى على عواطفنا. هذا مجال دراسة معقد الى حد ما وهناك الكثير من الطرق لفحص هذا السؤال. لكن أحد الاعتبارات يتعلق بفكرة القدرة على التنبؤ.
احدى المقابلات الوثائقية وصفت كيف ان هناك “مكانًا رائعًا” (لاستخدام كلماتها) لهذا نميل الى حب الموسيقى التي يمكن التنبؤ بها الى حد ما ولكن ليس كثيرًا لدرجة أننا نجدها مملة. إذن ما الذي يساهم في إمكانية تنبؤ الموسيقى ؟
للمبتدئين هناك التكرار. فكر في الأمر، الموسيقى تتكرر. في الحقيقة هذه سمة شائعة الى حد ما للموسيقى. غالبًا ما تتضمن كلمات متكررة وتعاقب متناسق وخطوط لحنية ونغمات إيقاعية. وكما قال أحد المحاورين هذا النوع من التكرار يجعل الموسيقى “تلتصق” في دماغنا. نتذكرها بسهولة أكبر وتفسح المجال لجعل الموسيقى أكثر قابلية للتنبؤ بها.
عامل آخر يؤثر على القدرة على التنبؤ هو الألفة. هناك طريقتان يمكن أن يحدث بها هذا. الأولى من خلال إتصالاتنا الشخصية أو الارتباط بالاعمال الموسيقية.
نحن على معرفة بالأغاني التي نعرفها خاصة إذا كانت تتمحور حول وقت أو حدث معين في حياتنا.
لكن ماذا عن الأغاني التي نسمعها لأول مرة ؟
نحن ربما نحب أغنية بسهولة عند سماعها لأول مرة. في هذه الحالة يمكننا النظر في معرفة الجودة الهيكلية للموسيقى نفسها.
أنا، على سبيل المثال، وعلى الرغم من أنني أستمتع وأقدّر أساليب الموسيقى المتعددة، إلا أنني أكثر انسجاما مع الموسيقى الغربية بسبب تربيتي وتدريبي الموسيقي. لقد نشأت وأنا أستمتع إليها وبالتالي لدي مستوى معين من الألفة والراحة في القدرة على التنبؤ التي أراها في الصفات التوافقية واللحنية والإيقاعية والتشكيلية والجسدية للموسيقى الغربية. هذا هو السبب أنني أميل إلى الانجذاب أكثر، على سبيل المثال، إلى أغاني المقاهي من النوع الصوتي على موسيقى “الراغا” عند الاستماع لأول مرة.
– الهوية الموسيقية
طرح عالم النفس الذي تمت مقابلته نقطة مثيرة للاهتمام، وهي أنَّ الموسيقى التي نفضلها مرتبطة بكيفية نظرتنا لأنفسنا وكيف نريد الآخرين أنّ ينظروا إلينا. بعبارة أخرى، إنها مرتبطة بهويتنا. كيف يرتبط هذا بعواطفنا ؟
كبداية، فكر في المفضلات الموسيقية إذا كنت بصفتك معالجًا موسيقياً تعمل مع شخص بالغ وتهدف إلى دمج الموسيقى المفضلة لديهم، فإن أحد المجالات التي يجب مراعاتها هو الموسيقى التي كانت شائعة عندما كانوا مراهقين وشباب. لماذا هذا ؟ لأن هذا هو الوقت الذي نبدأ فيه بتحديد من نحن ومن نريد أنّ نكون. أو بعبارة أخرى، هذا هو الوقت الذي تبدأ فيه هواياتنا بالتماسك والموسيقى التي نختار الاستماع إليها أو تشغيلها خلال هذه الفترة الزمنية مرتبطة بتفضيلنا. والذي يرتبط في حد ذاته بكيفية تعريفنا بأنفسنا.
علاوة على ذلك، فإن الموسيقى المرتبطة بهويتنا (كلاً من الموسيقى نفسها وكيف نتعامل معها) تحمل معنى خاص يثير رد فعل عاطفي. قد يحدث هذا عندما نستمع أو نغني أغنية معينة كذلك عندما نفكر في تلك الأغنية أو نتذكر التجارب الموسيقية التي مررنا بها.
بالإضافة إلى ذلك، توفر لنا الموسيقى وسيلة لتنظيم مشاعرنا ذاتياً. نستمع إلى أغاني معينة أما بأنفسنا أو مع الآخرين كوسيلة للتحكم في تجاربنا العاطفية وتحويلها والموسيقى التي نختار الاستماع إليها من أجل هذا التنظيم الذاتي مرتبطة بشكل عام بهويتنا الموسيقية وتفضيلنا.
– المجتمع الموسيقي
ترتبط هويتنا الموسيقية أيضا بكيفية تعاملنا مع الموسيقى. لقد سمعت أشخاصا يمزحون قائلين أنهم لا يعزفون على آلة موسيقية ولكن يشغلون الأغاني على الراديو أو أنهم يعرفون أنفسهم كعازف فرقة أو مغني كورال أو مسرح موسيقي أو جاز . ربما يستمتعون بالموسيقى في المنزل، أو يعزفون ببساطة من أجل المتعة والتمتع أو ربما يكون لديهم نهج أكثر احترافية يركز على الاداء ويمارسون نحو ذروة الاداء.
إن الطريقة التي نتعرف بها ونشترك مع الموسيقى تربطنا بأفراد آخرين متشابهين في التفكير الموسيقي. بمعنى آخر، أنهُ يخلق إحساسا بالانتماء للمجتمع. هل نستمتع مع الأصدقاء ؟ الغناء في جوقة، الغناء في فرقة ؟ أداء مهني ؟ كل هذه السيناريوهات تصف طرقًا مختلفة لتكون جزءا من مجتمع موسيقي وهناك شعور عاطفي يحدث عندما نشعر بالإتصال مع الآخرين عندما نشعر بالاندماج. بهذه الطريقة يعزز تجربة عاطفية مشتركة لا يمكننا الشعور بها في تلك اللحظة فحسب بل يمكننا أيضًا أن نعيشها في وقت لاحق عند تذكر التجربة.
–
ترجمة: ضحى مهند
تدقيق: ياسمين عبد الحسين
تعديل الصورة ونشر: تبارك عبد العظيم
المصدر: هنا