–
يبدو أن الصلة بين سكر الدم والشهية أعقد مما كانت تعتقده جماعة العلماء؛ إذ تظهر دراسة حديثة أن مستويات الجلوكوز في الدم يمكن أن تؤثر على مدى شعورنا بالجوع حتى بعد ساعات من تناول الطعام.
وبشكل مفصل، أظهرت نتائج الدراسة أن بعض الأشخاص أكثر عرضة لانخفاض سكر الدم حتى بعد أربع ساعات من تناول آخر وجبة بسبب استجابة متأخرة لنسبة السكر في الدم. وتبين أنه مؤشر أكثر دقة في قياس الشهية واستهلاك الطاقة من مستويات الجلوكوز بعد تناول الوجبات.
تقول عالمة التغذية سارة بيري: “ارتاب العلماء منذ فترة طويلة في دور مستوى سكر الدم في السيطرة على الجوع، ولكن نتائج الدراسات السابقة لم تكن حاسمة. واستنتجنا في هذه الدراسة أن مؤشر انخفاض السكر في الدم في تنبؤه بالشعور بالجوع واستهلاك السعرات الحرارية اللاحقة هو أكثر دقة من ذروة الاستجابة الأولية لسكر الدم بعد تناول الطعام، مما يغير رؤيتنا عن العلاقة بين مستويات السكر في الدم والطعام الذي نأكله”.
جمعت مصادر البيانات من الاستجابة الشخصية للاختبار القائم على الحمية (PREDICT)، في مشروع بحث تغذوي جارٍ يضم عدة جامعات حول العالم. إذ فحص الباحثون استجابات سكر الدم وعوامل أخرى لـ 1070 مشاركاً في التجربة التي جرت في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، حيث تناول المشاركون وجبات افطار موحدة يتبعها وجبات اختيارية لبقية اليوم، مع ضرورة الامتناع عن تناول أي وجبة بعد ثلاث ساعات من تناول وجبة الإفطار.
خلال الحمية التي استمرت لمدة اسبوعين، ارتدى المشاركون أجهزة مراقبة مستويات الجلوكوز(سكر الدم) خلال الدراسة، وسجلوا ما تناولوه من وجبات والوقت الذي تناولوها فيه على تطبيق مثبت في الهاتف، مع الابلاغ عن مستويات الشعور بالجوع خلال اليوم.
اشارت مجموعة البيانات التي استخلصت من عشرات الالاف من الوجبات التي استهلكها الفريق المشارك إلى أن انخفاض السكر لدى بعض الأشخاص بعد تناول الطعام وثيق الصلة بمستويات الشهية واستهلاك الطاقة للأفراد الأصحاء، مما يشكل ظاهرة حقيقية عالمية.
تقول المؤلفة الرئيسة وعالمة الأوبئة آنا فالديس: “إن اكتشافنا لأثر انخفاض مستوى السكر بعد تناول الطعام على مستويات الجوع والشهية من الممكن أن يساعد الأشخاص على فهم وزنهم وماتؤول له صحتهم والسيطرة عليهما”.
ووفقاً للباحثين، فإن العلاقة بين مستوى السكر في الدم والشهية مُيزت منذ الخمسينيات ولكنها لم تؤخذ بنظر الاعتبار بين العلماء بسبب الأدلة المختلطة التي تشير إلى أن توافر السكر يقمع الشعور بالجوع. وتركز البحوث الحالية دراساتها على دور الإشارات الكيميائية كهرمون اللبتين(Leptin) [وهو هرمون بروتيني ينتجه ويفرزه النسيج الدهني ووظيفته تنظيم الشهية وتخزين الدهون]، إلى جانب التركيز على هرمون الجوع أيضاً.
يؤكد فريق البحث على فعالية الجلوكوز، إذ تظهر النتائج أن الأشخاص الذين أظهروا انخفاضاً كبيراً في نسبة سكر الدم قد عانوا من اشتداد الشهية بالإضافة الى تناول وجبتهم التالية قبل نصف ساعة من موعدها واستهلاكهم أكثر من 300 سعرة حرارية في اليوم، بخلاف المشاركين الذين تعرضوا لانخفاض طفيف في مستوى سكر الدم.
علاوة على ذلك، فإن انخفاض السكر في أدنى مستوى بعد حوالي ثلاث ساعات من آخر وجبة كان مؤشراً جيداًعلى استهلاك الطاقة لاحقاً بنفس الوقت الذي أبلغ فيه المشاركون عن شعورهم بالجوع.
إن اعتراف الباحثين بمحدودية الدراسة واقتصارها على نتائج الإبلاغ الذاتي وعدم قياس هرمونات الشهية خلال التجربة لا يلغي النتائج التي حققها الفريق التي توفر أدلة كمية تربط بين مستويات الجلوكوز واستهلاك الطاقة والشهية.
وتعد الدراسة رؤية لكثير من الناس من خلال مساعدتهم على فهم جزء من سبب شعورهم بالجوع، واحتمالية اتخاذهم قرارات مصيرية حيال ذلك.
تقول فالديز: “فالكثير من الناس يقاسون مشقة فقدان الوزن واستقراره. وإن مجرد زيادة مئات من السعرات الحرارية كل يوم تؤدي إلى اكتساب بضعة كيلو غرامات على الوزن نهاية العام”.
–