–
سجَّلت المحطات الأرضية المحلية درجات حرارة تجاوزت 50 درجة مئوية في ثلاث دول على الأقل في الوطن العربي، الكويت وعمان والإمارات العربية المتحدة، حيث بلغت الحرارة في “سويحان” في الإمارات 51.8 درجة مئوية في 6 يونيو/حزيران 2021، وهي أعلى درجة حرارة مُسجَّلة في البلاد لشهر يونيو/حزيران في العموم، لكن الأمر ليس حصريا للوطن العربي، فالعالم كله -على ما يبدو- يشتعل حاليا.
أفادت التقارير الإخبارية أن مناطق عدة في وسط آسيا وجنوبها شهدت درجات حرارة عالية بشكل غير عادي خلال هذا الوقت من العام. في موسكو مثلا، يُعَدُّ يونيو/حزيران الحالي هو الأكثر سخونة منذ عام 1901.
_القبة الحرارية:-
في هذا السياق، أفاد بيان صادر من وكالة الفضاء والطيران الأميركية أن ما يحدث في الوطن العربي تحديدا مُتعلِّق بظاهرة تُسمى “القبة الحرارية” (heat dome)، ولها من اسمها نصيب كما يبدو، فهي تعني أن منطقة ذات ضغط جوي مرتفع تُثبِّت نفسها فوق منطقة على الأرض كما يُثبَّت الغطاء على القدر، في تلك الحالة ينحبس الهواء الدافئ أثناء ارتفاعه وتدفعه القبة مرة أخرى نحو السطح ليصبح أكثر دفئا، فترتفع درجات الحرارة شيئا فشيئا، بالضبط كما يحدث حين تُغلق القدر.
تُظهِر الأبحاث التي أجرتها الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) أن من المرجَّح أن تتشكَّل هذه الظاهرة بكثافة خلال سنوات النينيا مثل عام 2021، إنه ما حدث في موجة حر سابقة خلال شهرَيْ يوليو/تموز وأغسطس/آب من عام 2015.
والنينيا (La Niña) هي ظاهرة تتضمَّن تغيُّرا دوريا في أنماط الرياح ودرجات الحرارة في المحيط الهادئ، حيث تمر المناطق الجنوبية من المحيط الهادئ (قبالة سواحل أميركا الجنوبية) عادة بمرحلتين مناخيتين، المرحلة التي ترتفع فيها حرارة المياه، وتُعرف بـ “النينو”، والمرحلة التي يحدث بها التبريد، وتُعرف بـ “النينيا”، وتستمر كلتا الفترتين لعدة أشهر، وعادة ما تحدث كل عدة سنوات مع اختلاف الشدة لكل فترة، وتؤثران على طقس العالم أجمع.
_الاحتجاز الكبير للحرارة:-
كما أن كوكب الأرض يحتجز الآن ضعف الحرارة التي كان يحتجزها قبل أربعة عشر عاما، وفقا لنتائج دراسة جديدة، والتي تثير المخاوف بشأن التسارع المحتمل لتغير المناخ.
وخلص لوب وفريقه إلى أن زيادة درجة الحرارة هي نتيجة لكل من العمليات التي تحدث بشكل طبيعي ومن صنع الإنسان. تؤدي التركيزات المتزايدة من غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي للأرض إلى المزيد من الحرارة التي تحتجزها الأرض. ومن ناحية أخرى، يؤدي تقلص حجم الصفائح الجليدية، الناجم عن ارتفاع حرارة كوكب الأرض، إلى انعكاس قدر أقل من الطاقة الواردة بعيداً عن سطح الكوكب، فنسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، فكانت تتسارع بدورها خلال السنوات السبعة عشرة السابقة، وبحلول نهاية عام 2016 تخطَّت حاجز 400 جزء من المليون (ppm) لأول مرّة في تاريخنا البشري، أي منذ أربعمئة ألف سنة مضت! ثاني أكسيد الكربون هو ببساطة غاز الاحتباس الحراري الذي تنفثه سياراتنا ومصانعنا.
_التذبذب العقدي في المحيط الهادي:-
بالإضافة إلى أن الباحثين وجدوا أن نمطا طبيعيا متكررا يسمى التذبذب العقدي في المحيط الهادي (PDO) يساهم أيضا. تسبب دورة PDO تقلبات منتظمة في درجة حرارة المحيط الهادي مع الأجزاء الغربية تصبح أكثر برودة والأجزاء الشرقية ترتفع درجة حرارتها لمدة عشر سنوات، بعد اتجاه معاكس بعد عقد من الزمان. تسبب مرحلة PDO المكثفة بشكل غير عادي التي بدأت في حوالي عام 2014 في انخفاض في تشكيل السحابة فوق المحيط، مما أدى أيضا إلى زيادة امتصاص الطاقة القادمة من الكوكب، وفقا للعلماء.
وهناك ظاهرة مناخية أيضا وهي الرطوبة التي ترتفع متوسطاتها بمعدلات متسارعة، ما دعا العلماء إلى توقُّع أن يصل عدد أيام الرطوبة العالية بحلول العام 2070 إلى 100-250 يوما كل عام، مع توقُّعات أن تصل حدود الرطوبة في أميركا الجنوبية وأفريقيا والهند والصين إلى مستويات تؤثر بالفعل على صحة البشر مباشرة وتمنعهم من أداء وظائفهم.
وما سبق يشير إلى أن الاحترار العالمي ما زال مستمرا بنمط متصاعد، ويبدو أنه لن يتوقف قريبا.
–