عندما نتأمل في معنى الثقافة فحتمًا نفكر في تنوع اللغات والملابس والطعام في المجتمع، فهذه الجوانب هي الأكثر وضوحًا والأسهل على الأشخاص غير المعتادين على فهم الثقافة. لكن للثقافة معنى أعمق، إذ تلعب المعتقدات المتأصلة فينا في المنزل، إلى جانب ثقافة المجتمع، دورًا مهمًا في تشكيل معتقداتنا ومعاييرنا وقيمنا وتصوراتنا عن بعض الأفكار والسلوكيات، وعندما يتعلق الأمر بالصحة العقلية فإنّ ثقافة المجتمع الذي يحيط بنا تؤثر على نوع الدعم الذي نحتاجه، وما إذا كنا سنطلب المساعدة أم لا.
تملك كل مجموعة ثقافية معتقداتها وتقاليدها وممارساتها حول مفهوم الصحة العقلية، مما يجعل من الضروري فهم أثر هذه العوامل على حصول الشخص على العلاج.
تؤثر التباينات الاقتصادية والثقافية على الصحة العقلية للسكان، فتشير الأبحاث إلى أنّ الأقليات في الولايات المتحدة أقل حصولًا على علاج الأمراض العقلية أو أنّهم لن يطلبوا المساعدة حتى تصبح الأعراض شديدة، كما أنّ نسبة 66% فقط منهم لديهم معيل للرعاية الصحية بشكل منتظم، مقارنة بـ80% من البالغين ذوي البشرة البيضاء.
تكشف الأبحاث أيضًا أنّ الأمريكيين من أصل أفريقي أكثر عرضة للإصابة بمشاكل الصحة العقلية من أصحاب البشرة البيضاء، وهم أقل طلبًا للعلاج، وحين يطلبونه فغالبًا ما يكون ذلك في غرف الطوارئ.
تتأثر الصحة العقلية للأفراد بالثقافة المحيطة بهم، لذا يتطلب توفير رعاية صحية عقلية متاحة وفعالة لجميع الثقافات فهم العوامل الثقافية المؤثرة على الصحة العقلية، مثل:
– الامتناع عن مناقشة الأعراض المرضية: يمكن أن تؤثر المحرمات الثقافية على قدرة الشخص على وصف الأعراض المرضية والمخاوف الشخصية التي يواجهها للعائلة والأصدقاء الذين قد يكونون قادرين على توجيهه إلى المساعدة اللازمة.
– نقص الدعم المجتمعي: بدون تلقي دعم الأسرة والأصدقاء والمجتمع يمكن أن يُهمل الشخص الذي يعاني من علامات مشاكل الصحة العقلية ويبقى دون رعاية أو مكان يلجأ إليه.
– الحاجة إلى مصادر علاج داعمة: عند البحث عن علاج للصحة العقلية يشعر معظم الناس براحة أكبر في التحدث إلى شخص يمكنه تفهّم مشاكلهم وتجاربهم. بالنسبة لبعض الأقليات، قد يكون من الصعب العثور على مصادر علاج تلبي احتياجاتهم، وهذا سبب أهمية التواصل الصريح مع الأسرة والمجتمع المهتم بهذه القضايا.
إنّ فهم التأثيرات المجتمعية والثقافية على الصحة النفسية هو الخطوة الأولى لتجنب سوء الفهم السلبي والضار، وتوفير خدمات الصحة النفسية لأفراد الأقليات والأغلبيات، وإزالة العقبات وتشجيع الناس من جميع الثقافات للحصول على الرعاية التي يحتاجونها.
ترجمة: أفنان حقي
تدقيق: فاطمة جبار
تعديل الصورة: تبارك عبدالعظيم
المصدر: هنا