يبدأ الناس بالضحك في سن الطفولة، ويساعد ذلك في تقوية العضلات والجزء العلوي من الجسم، فالضحك ليس مجرد تنفس، بل يعتمد على مجموعات معقدة من عضلات الوجه، غالبًا ما تشمل حركة العينين والرأس والكتفين.
يتطلب الضحك الكثير من العمل، فهو ينشط مناطق متعددة من الدماغ: القشرة الحركية التي تتحكم في العضلات، والفص الجبهي الذي يساعدك على فهم الموقف، والجهاز الحوفي الذي ينظم المشاعر الإيجابية، وتشغيل كل هذه الأجزاء يقوي الاتصالات العصبية ويساعد الدماغ على تنسيق نشاطه.
من خلال تنشيط المسارات العصبية للعواطف كالسعادة والمرح، يمكن للضحك أن يحسن مزاجك ويجعل استجابتك الجسدية والعاطفية للتوتر أقل حدة، فقد يساعد الضحك في التحكم في مستويات الناقل العصبي السيروتونين في الدماغ، على غرار ما تفعله مضادات الاكتئاب، ومن خلال تقليل استجابات دماغك للتهديدات، فإنّه يحد من إطلاق الناقلات العصبية والهرمونات مثل الكورتيزول، التي يمكن أن تضعف القلب والأوعية الدموية والتمثيل الغذائي والجهاز المناعي بمرور الوقت. يشبه الضحك ترياقًا للتوتر الذي يضعف هذه الأنظمة ويزيد من التعرض للأمراض، وهو آلية تأقلم صحية، فعندما تضحك فأنت تأخذ الموقف بجدية أقل وقد تشعر بالقدرة على حل المشكلة.
قام علماء النفس بقياس تواتر وشدة ضحك 41 شخصًا على مدار أسبوعين، إلى جانب تصنيفاتهم للإجهاد البدني والعقلي، ووجدوا أنّه كلما زاد الضحك انخفض الإجهاد المبلَّغ عنه.
يعتمد حس الفكاهة والضحك على قدر كبير من الذكاء الاجتماعي وموارد الذاكرة العاملة، وغالبًا ما يكون شرارة من إدراك التناقضات والسخافات في الموقف.
يخلق الضحك الروابط ويقوي علاقاتنا بالآخرين، فيُعتبر ضحك الأطفال علامة خارجية على المتعة تساعد على تقوية الروابط مع مقدمي الرعاية. وعن طريق ممارسة القليل من الضحك كل يوم، يمكنك تعزيز المهارات الاجتماعية التي قد لا تأتيك بشكل طبيعي، فعندما تضحك ردًا على الدعابة، فإنّك تشارك مشاعرك مع الآخرين.
أيضًا، يدعو عدد من المعالجين إلى استخدام الفكاهة والضحك لمساعدة العملاء على بناء الثقة وتحسين بيئات العمل، فقد وجدت دراسات أنّ مقاييس الرفاهية قد ارتفعت بعد مبادرات ومداخلات الضحك.
يدرس باحثو علم النفس الإيجابي كيف يمكن للناس أن يعيشوا حياة ذات معنى ويزدهروا عن طريق الضحك، فهو ينتج مشاعر إيجابية تؤدي إلى ذلك. هذه المشاعر – كالتسلية والسعادة والمرح – تبني المرونة وتزيد من التفكير الإبداعي والرفاهية الذاتية والرضا عن الحياة، كما وجد الباحثون أنّ المشاعر الإيجابية التي يتم اختبارها بواسطة الضحك ترتبط بتقدير معنى الحياة وتساعد كبار السن على تكوين وجهة نظر حميدة عن الصعوبات التي واجهوها طوال حياتهم.
ترجمة: حسن خنجر
تدقيق: فاطمة جبار
نشر وتعديل الصورة: فرات جمال
المصدر: هنا