–
من خلال تحليل نشاط الدّماغ، وجد الباحثون أنّ الدّماغ ينظّم استخدام موارده ويحاول تحديد المعلومات الأساسيّة.
تشير دراسة تمّ الانتهاء منها مؤخرًا إلى أنّ دماغ الإنسان يتجنّب القيام بجهدٍ غير ضروري. فعندما يقرأ الشّخص، يسعى جاهدا للحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات من خلال تخصيص أقل قدر ممكن من قدرته المعرفيّة للمعالجة.
وفقًا للدّراسة يعالج الدّماغ المعلومات من خلال مراعاة الأهميّة النّسبيّة للمحتوى الذي تتمّ قراءته. عندما يقوم الدماغ بتفسير معنى الكلمات التي تتمّ قراءتها فإنّه يحاول تخصيص الموارد لتفسير الكلمات التّي توفّر أكبر قدرٍ ممكن من المعلومات حول محتوى النّصّ.
أظهرت الدّراسات السّابقة أنّ طول الكلمات وتكرَارها، بالإضافة إلى الأخطاء النّحوية والدّلالية المدرجة في الجمل، تؤثّر على نشاط الدّماغ في معالجة اللغة. في الدّراسة التي تمّ نشرها مؤخرًا تمّ توسيع المنظور إلى المستوى فوق الجمل الفرديّة. تمت دراسته على مستوى الخطاب باستخدام فقرات من ستّ جملٍ. في هذا المستوى تصبح العلاقة بين الكلمات معقّدة بشكلٍ متزايد، وتزداد أهميّة السّياق في تفسير الكلمات الفرديّة.
على مستوى الخطاب لا يُعرف إلا القليل عن معالجة المعلومات من قبل الدّماغ حتّى الآن. و لمعرفة الفرق بين القيمة العالية والمنخفضة للمعلومات طور الباحثون نموذجًا يعتمد على نظريّة المعلومات لتحديد القيمة المعلوماتيّة للكلمات وربطها بنشاط الدّماغ. فأجروا دراسة من خلال جعل المتطوّعين يقرؤون الجمل من إدخالاتِ ويكيبيديا أثناء تسجيلِ نشاط دماغهم باستخدام تخطيط الدماغ الكهربائي (EEG). في تخطيط كهربائيّة الدّماغ لوحظ وجودُ قدرة كهربائية انتقائية للدّماغ استجابة لقراءة الكلمات عاليةِ القيمة مقابل منخفضة القيمة.”
عندما يقرأ شخصٌ ما عبارةَ ” القِطَطُ صَغِيرَةٌ وَعَادَةً مَا تَكُونُ ثَدِييَّاتٍ فَرَوِيَّةً”، فإنّ كلماتٍ مثل”ثَدييَّاتٍ” و “فَرَوِيّ” تثير نمطًا معينًا من نشاط الدّماغ. هذا يشير إلى أنّ الدماغ يعالج المعلومات بكفاءة مع تركيز جهوده هناك حيث تكون القيمة الإضافيّة الأكثر في فهم الرّسالة هي: اكتسابُها، كما يقول ميشيل سباي -الباحث الكبير الذي ساهم في الدراسة-:” كشفت النّتائج ذات الصلة أنه باستخدام التّقنيات المستندة إلى الذكاء الاصطناعي يمكن استخدام قياسات الدماغ المتعلّقة بالكلمات الفردية للتنبؤ بما إذا كان كسب المعلومات للكلمات المقروءة منخفضًا أم مرتفعًا. ونتيجة لذلك ، يمكننا التنبّؤ باكتساب المعلومات للمحتوى الذي يعالجه الأشخاص دون الوصول إلى المحتوى نفسه. بدلا من ذلك نستخدم قياساتِ الدماغ فقط “، كما يقول توكا روتسالو – زميل أبحاث الأكاديمية المسؤول عن الدراسة في جامعة هلسنكي-:” يمكن استخدام النّتائج في واجهات معلومات الدّماغ المستقبلية، التي تلاحظ وظيفة الدّماغ فعندما يدرك النّاس ويعالجون أنواعًا مختلفة من المعلومات يمكن استخدام مثل هذه التطبيقات على سبيل المثال في الرّعاية الصّحية، أو حتى في المستقبل للمساعدة في نمذجة أذواق وقيم وآراء المستهلكين العاديين” يقول روتسالو موشيرا إلى أنّ البحث لا يزال في مرحلته الأساسية :”ترتبط التّطبيقات العمليّة بالتّحديّات الأخلاقيّة والتّقنيّة التي يجب حلّها قبل أنّ يتمّ تطويرُ أيّ شيء ملموس.”
–
ترجمة: فاطمة محمد