–
أشارت دراسة حديثة إلى أنّ السكري داء موجود في الجينات البشرية قبل ملايين السنين، ويمكن أن يتراجع بتأثير قوى بيئية كالنظام الغذائي.
درس الباحثون كيف يمكن أن تتسبب السمنة في ظهور النوع الثاني من داء السكري في الفئران والبشر من خلال التلاعب بالتعبير الجيني، ووجدوا أنّ السمنة يمكن أن تغير العلامات الكيميائية المرتبطة بالDNA. تحدد هذه التغيرات فوق الجينية سلوك الجينات وتعدل انتاج البروتين اللازم للاستقلاب السليم وإفراز الإنسولين الذي ينظم مستويات السكر في الدم، ووفقًا للعلماء، داء السكري الناجم عن هذه التغيرات يمكن أن يزول.
قد تساعد الدراسة في تعليل تأثير النوع الثاني من داء السكري على 300 مليون بالغ حول العالم اليوم، بعد أن كان نادرًا قبل سنوات، إذ يُرجح أنّ سبب ذلك هو مؤامرة اشتركت فيها العوامل الجينية وفوق الجينية.
درس العلماء الفئران البدينة أولًا لفهم مدى ارتباط السمنة بالمرض. كان لدى جميع الفئران نفس الجينات، وأظهر البحث أنّ الفئران التي خضغت لنظام غذائي عالي الدهون أصيبت بالسمنة والسكري، أما الفئران التي خضعت لنظام منتظم حافظت على وزنها وصحتها، وبتحليل الDNA بمعزل عن خلاياها الدهنية، أظهرت النتائج تغيرات فوق جينية.
قام الباحثون بعد ذلك بفحص بيانات الأشخاص البدناء الذين خضعوا لجراحة المجازة المَعِدية، ووجدوا نفس النمط الدقيق للتغيرات فوق الجينية في المواقع الرئيسية في الDNA المعزول عن خلاياهم الدهنية.
يقول قائد فريق البحث الدكتور أندرو فاينبيرغ: “يفصل بين الفئران والبشر 50 مليون عام من التطور، لذا من المثير للاهتمام معرفة أنّ السمنة تتسبب بنفس التغييرات فوق الجينية لجينات متشابهة في كلا الكائنين”.
وجدت دراسة نشرت عام 2012 أنّ 75% من المصابين بالنوع الثاني من السكري والذين خضعوا لجراحة المجازة المعدية لاحظوا تراجعًا في المرض.
أظهرت دراسة أخرى نشرت عام 2014 أنّ الدببة الرمادية تصاب بالسكري خلال فترة السبات ثم تشفى عند اليقظة، إذ ينشأ السكري لديها بفعل تكدس الدهون في الأشهر التي تسبق السبات الشتوي، وفي حالة الإصابة به يتوقف الإنسولين عن العمل، لكن عند غياب الطعام خلال فترة السبات تسمح مقاومة الإنسولين للدببة بتفكيك مخازن الدهون بفعالية لتحويلها إلى طاقة.
يقول الدكتور فاينبيرغ أنّه عندما تتنوع الموارد الغذائية فالتغيرات فوق الجينية تساعد أجسامنا على التكيف مع الارتفاع المؤقت في السعرات الحرارية، ولكن عند استمرار ارتفاع النظام الغذائي المليء بالسعرات على المدى البعيد فإن نفس هذه التغيرات تزيد من خطر الإصابة بالسكري.
تقترح الدراسة أيضًا إمكانية تطوير اختبار جيني للكشف عن الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالسكري في وقت أبكر بكثير مما يتم القيام به الآن.