سابين فاس (Sabine Fuss)، خبيرة إقتصادية في برلين، وتعملُ كرئيسة لمجموعة بحثية في معهد مركاتور للأبحاث التي تخُص مشاكل تغيُّر المناخ حول العالم، حيثُ تُعد هذه المجموعة جُزءاً من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ (IPCC) والتي أنشأتها الأمم المتحدة لتقييم علم ومخاطر وآثار الاحتباس الحراري.
تم تكليفُ فوس بعد إعلان هدف إتفاقية باريس والمُتمثل في إبقاء الإحتباس الحراري عند ٢,٧ درجة فهرنهايت (١,٥ درجة مئوية) أو أقل، حيثُ تعملُ جاهدة من أجلِ معرفة إستراتيجيات فعالة خاصة بإزالة الكاربون من الغلاف الجوي والتي كان من ضمنها زراعة أعداد هائلة من الأشجار أو إعادة زراعتها على التوالي، حيثُ أنه وفقاً لدراسة أُجريت عام ٢٠١٩ ونُشرت في مجلة (Science)، فأن زراعة تريليون شجرة يُمكن أن تتسبب بخزنِ حوالي ٢٢٥مليار طن (٢٠٥ مليار طن متري) من الكاربون الذي يتحللُ في التُربة، أي حوالي ثُلثي الكاربون الذي أطلقه البشر في الغلاف الجوي منذ بدء الثورة الصناعية، كما وجدت الأكاديمية الوطنية للعلوم أن هذه الإستراتيجية كانت كافية لتعويض ما يصلُ إلى ١٠٪ من صافي الإنبعاثات السنوية الأمريكية أي ما يُقارب حوالي ٦٣٢ مليون طن (٥٧٤ مليون طن متري) من ثاني أوكسيد الكاربون وبتكلفة مُنخفضة.
وعلى الرُغمِ من الفوائد التي تُسببها هذه الإستراتيجية إلى جانبِ إدارة الأراضي الزراعية وهي طريقة أُخرى منخفضة المخاطر نسبياً وفقاً لجين زيليكوفا (Jane Zelikova)، عالمة البيئة الأرضية وكبيرة العُلماء في مُنظمة (Carbon180)، إلا أن فوس قد أوضحت أن هذه الطُرق في إزالة الكاربون يُمكن أن تتعارض مع أهداف السياسات الأُخرى مثل سياسة إنتاج الغذاء، وهذا هو سببُ مُهم من أجل إعتماد الأساليب الأُخرى القائمة على التكنولوجيا وذلك من خلال الإلتقاط المُباشر للهواء وتخزين الكاربون وذلك يقومُ على أساس عملية كيميائية تتسببُ بإخراج ثاني أوكسيد الكاربون من الهواء وتربطه بالفلاتر وعندما يتم تسخين الفلتر، يُمكن إلتقاط ثاني أوكسيد الكاربون ثم حقنه تحت الأرض، حيثُ يوجد حالياً ١٥ مصنعاً خاصاً بهذه الإستراتيجية في جميع أنحاء العالم وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
أو يتمُ ذلك من خلال طُرق أُخرى منها: يتمُ زراعة عدد من النباتات والأشجار، ثم يتمُ حرق المواد العضوية الناتجة عنها لإنتاج الحرارة أو الوقود المعروفين بإسم الطاقة الحيوية وأثناء الاحتراق، يتمُ إلتقاط إنبعاثات الكاربون وتخزينها تحت الأرض.
وبطريقة أُخرى، تتجمعُ الصخور لزيادة الأسطح المتاحة للتفاعل كيميائياً مع ثاني أوكسيد الكاربون وبلورته وبعد ذلك، يتمُ تخزين ثاني أوكسيد الكاربون المعدني تحت الأرض، وتُدعى هذه الطريقة ب”التمعدُن”.
وعلى الرُغمِ مما صرحت به زيليكوفا: “إن الولايات المتحدة هي مثال جيد لكيفية عمل مزيج من حلول إزالة الكربون معاً، حيثُ يُمكن إستخدام إدارة الأراضي في الغرب الأوسط الزراعي وصخور البازلت في شمال غرب المحيط الهادئ للتمعدُن وأن حقول النفط في الجنوب الغربي مُجهزة بالفعل بالتكنولوجيا المناسبة والعمال المَهرة لتخزين الكاربون تحت الأرض”،
إلا أنهُ لم يتم تنفيذ أي من هذه التقنيات على نطاق واسع كونها باهظة الثمن للغاية مع تقديرات تصلُ إلى ٤٠٠ دولار لكل طن من ثاني أوكسيد الكاربون الذي تمت إزالته، كما لا يزالُ كلاً منها يتطلبُ الكثير من البحث والدعم قبل نشرها.
وفي نهايةِ المطاف، سيتعينُ على كل دولة أن تجمع بين مجموعتها الفريدة من إستراتيجيات إزالة ثاني أوكسيد الكاربون لأنه لن ينجح أي تدخل مُنفرد بمفرده.
ترجمة: حسن خَنْجَر
تدقيق: حَوراء جمِيل
تعديل الصورة: فرات جمال
المصدر: هنا