أثناء استعدادي لتقديم محاضرتي الأولى كعضوٍ جديد في هيئة التدريس، أسندتُ نفسي بجرعة معنوية: “لديك العديد من العروض البحثية تحت حزامك”
وبعد بضع دقائق، بدا الطلاب متعبين ومشتتين ولم يكونوا في حالة مزاجية جيدة للإستماع-وها هُنا يكمن التناقض عند بدئي بمقارنة هؤلاء الطلاب مع جمهور من المهتمين الذين سبق وقد حضروا لمناقشة البحث الخاص بي والذين بدوا منتبهين على الأقل!
وبعد مرور فترة قصيرة، لاحظتُ بعض الطلاب يضحكون، فراودني سؤالاً: “هل أبدو مُضحكاً؟”
و حالما رأيتُ أن الطلاب يضحكون على Facebook شعرتُ بالإرتياح، لكنني أدركتُ لاحقاً أن هذه أيضاً تُعد علامة تدل على أنني فشلتُ في جذب انتباههم!
بعدها في المدرسة العليا، بدأتُ بالعملِ كمساعد تدريس وعملي يتركز حول توجيه الطلاب الجامعيين أثناء جلسات التدريب العملي، لكنني لم أكن أبداً مسؤولاً عن تدريس فصل دراسي كامل بمفردي ولم أتلقَ أي تدريب رسمي!
وعندما أصبحتُ عضواً في هيئة التدريس، كان علي أن أتحمل عبئاً كبيراً في الدورة التدريبية ويجبُ أن أقوم بتقديم(٥٠)محاضرة بالإضافة إلى العديد من الدروس المختبرية لكل فصل دراسي، شعرتُ كما لو أنني قد سقطتُ في الطرف العميق من المسبح بدون دروس سباحة!
فصلاً تلو الآخر، ازدادت شكوكي حول قدراتي التدريسية إلى جانب مخاوفي من أن الطلاب لم يستطيعوا فهم التفاصيل الأساسية من محاضراتي، وهنا بدأتُ بجولة من التفكير في تجربتي الخاصة فيما سبق كطالب وحاولتُ قدر الإمكان تذكّر ما ساعدني في الدراسة وما هو عكس ذلك بالإضافة إلى البحث عن أدلة علمية، حيث بدأتُ بطلب المساعدة من خبراء في علم التربية وكذلك من الزملاء الذين لديهم خبرة تعليمية أكثر مني حيث أخبروني وبالتفاصيل عن الأدوات التي سبق وقد استخدموها خلال المحاضرات وكذلك المصادر المنهجية والمراجع الموجودة في الحرم الجامعي بالنسبة للمعلمين الجدد.
وفي غضونِ عامٍ واحد فقط، حدث تغيير ملحوظ في تدريسي نتيجة لبدئي باستخدام مهارات جديدة وأدوات لها دورٌ فعال بخصوص تفاعل الطلاب، حيث أن أحدهم قد كتب في تقييم التدريس بخصوص نهجي الذي أعتمده “جعلَ المعلومات مثيرة” و “تحدى الطلاب بالاهتمام” !
وهُنا أصبح التدريس مصدراً للرضا بدلاً من القلق.
وفيما يلي بعض الدروس التي ساعدتني لأكون معلماً أكثر فعالية:
١.طلب المُساعدة(Seek Help):
التدريس مهارة و يجب تعلمها، حيث يَفترضُ العديد من العلماء أن درجة الدراسات العليا أو تجربة ما بعد الدكتوراه تؤهلهم ليكونوا مدرسين إلا أن الحقيقة بعيدة عن ذلك.
وكما هو معروف أن مُعظم الجامعات تتمتع بأنظمة دعم للمعلمين الجدد، إلا أني وبحسب تجربتي أوصي بأخذ دورات جامعية رسمية حول طرق التدريس والمشاركة أيضاً بورش العمل حيث يُمكنهم مساعدتك في بناء شبكات مع زملائك المعلمين لغرض تبادل الأفكار ومشاركة التحديات.
٢.حافظ على التفاعلية أثناء الدرس(Keep It Interactive):
يُعد إشراك الطلاب بنشاط أمراً ضرورياً لجذب انتباههم والاهتمام بالتفكير النقدي لديهم،وذلك من خلال جعل الطلاب في مجاميع مع بعضهم البعض خلال الدرس من أجل تبادل الأفكار والحصول على إجابة مُناسبة على السؤال الذي سبق وقد قُمت بطرحه بهدف الحفاظ على تركيزهم.
كما أن هناك العديد من الأدوات المناسبة والتي يُمكن أن تساهم في إشراك الطلاب بالدرس مثلاً، يمكنك طرح أسئلة متعددة الخيارات وقم باستخدام النقرات الإلكترونية لتسجيل إجاباتهم أو يمكنك إخبار الطلاب بتمرير لُعبة(دمية) أو أي شئ آخر أثناء الفصل الدراسي، حيث أن كل واحد منهم سوف يأخذ دوره لطرح أو الإجابة عن سؤال عندما تأتي هذه اللعبة بين يديه.
٣.كُن متعاطفاً(Be Compassionate):
من المُرجح أن يتعلم الطلاب بصورة أسرع إذا شعروا أن المعلم يهتم بهم حقاً ويحترمهم، لذا تعامل مع كل واحدٍ منهم بفهم وتعاطف وأوضح لهم أنهم بإمكانهم القدوم إليك لطلب المساعدة.
حيث أنه من المهم أيضاً أن يكون المعلم على دراية بشأن الظروف التي يمر بها الطلاب وكذلك نهج التعليم المناسب لهم.
كما أن بعض الطلاب قد لا يشعرون بالراحة عند رفع أيديهم في المحاضرة، ولذلك على المعلم بهذه الحالة أن يستخدم مستنداً مجهولاً من(Google)حيث يمكنهم ترك الأسئلة له وبدون أي إحراج.
وفي نهاية الأمر “التدريس ليس سهلاً على الدوام أو بديهياً، ولكن من مسؤوليتك كمعلّم هو مساعدة الطلاب على أن يتعلموا وبرغبة قوية وبهذا فإنك تُخصص الوقت الكافي لخلق بيئة تزيد فرصة التعلم للجميع.
ترجمة: رغد صبّار
تدقيق: حوراء جمِيل
نشر وتعديل الصورة: فرات جمال
المصدر : هنا