دواعٍ صحية خمسة للتعرق

 

 

يُولد الشخص منا و في جسمه ما يعادل ٢-٤ مليون غدة عرقية، أمّا أكثر أجزاء الجسم تعرقاً فهي الإبطان و القدمان و اليدان و تُحَدد كمية العرق الذي يفرزهُ الجسم بعدد الغدد العرقية و مقدار نشاط الشخص لِتبلغ ذروة نشاطها عند الشخص البالغ.
يُعد التعرق نشاطاً لا إرادياً وبالوقت ذاته هناك العديد من العوامل الأُخرى التي تُعتبر عوامل محفزة لإفرازه مثل الطقس الحار و التمارين الرياضية و الإجهاد بالعمل بالإضافة إلى سن اليأس.

و يُشكل الماء نسبة ٩٩٪؜ من العرق بالإضافة إلى وجود أملاح و أحماض امينية(amino acids and salts)و حامض اللاكتيك(lactic acidosis)و الكليسرول(glycerol)و البروتينات و غيرها من التراكيب المختلفة.

١.التنظيم الحراري(Thermoregulation):
يعمل العرق على تبريد الجسم وذلك عند تبخره من الجلد مما يعمل على تقليل درجات الحرارة الداخلية للجسم.
و من الجدير بالذكر أن هناك طريقة أُخرى يلجأ إليها الجسم ليُحافظ-من خلالها-على توازن درجة حرارتهِ الداخلية إلا وهي توسيع الأوعية الدموية القريبة من سطح الجلد الأمر الذي من شأنه أن يُخلص الجسم من الحرارة عن طريق الإشعاع.

٢.تحرير البكتيريا(Bacterial release):
ووفقاً لمقالة مُستعرضة كتبها روبن بترسون(Robyn A. Peterson)و زملائهِ فإن البروتينات
السكرية(glycoproteins)الموجودة في العرق قد تعمل ك(فَخ)و ذلكَ عن طريق ارتباطها بالبكتيريا و حملها لها خارج الجسم بدلاً من ارتباط تلكَ البكتيريا بخلايا التجويف الفمي(oral cavity)و خلايا الجهاز الهضمي(digestive tract)أو القرنية(cornea).
و من الجدير بالذكر،إن البروتينات السكرية (glycoproteins) الموجودة في اللعاب و الدموع و الحليب قد تنهج سلوكاً مُشابهاً لمثيلتها تلك الموجودة في العرق.

 

٣.التخلص من ثنائي الفينيل مُتعدد الكلور(polychlorinated biphenyls PCBs Clearance):
كانت هذه المركبات تُستخدم سابقاً في تطبيقات صناعية و كيميائية مُختلفة.
و بالرغم من أن هذه المادة محظورة الاستخدام في الولايات المتحدة و أوربا إلا أن استعمالها لا يزال قائماً في بلدانٍ أخرى و مع ذلكَ فإن هذه المركبات يستغرق تفككها و تكوينها في البيئة وقتاً طويلاً.
علاوة على ذلكَ فإن هذه المُركبات تتراكم في الأنسجة الدهنية و للتَخلصِ منها يستغرق الجسم حوالي ٤-٩ سنوات، و بالتالي فإن تواجدها يرتبط باضطراب الغدد الصماء و ورم الميلانوما(melanoma)و ارتفاع ضغط الدم(Hypertension)و الليمفاوية اللاهودجكينية(non-Hodgkin Lymphoma).

دراسة صغيرة أُجريت لتحليل مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور(PCBs) في دم الانسان و بوله و عرقه على أيدي كل من ستيفن جينوس(Stephen J. Genuis)و سانجاي بيزون(Sanjay Beesoon)و ديتليف بيرخولز (Detlef Birkholz) و
كانت نتائجها تتركز حول أن الجسم يتخلص من(PCBs) أثناء التعرق وبتراكيز مختلفة، بحيث أن ذلك يحثنا على التعرق لِتخليص الجسم من هذه الملوثات.
” لاتزال الأدلة الناشئة في أوائل القرن الحادي و العشرين تعمل على إثبات أن معظم الأشخاص يحملون داخل أجسامهم جرعة أو عبء من التلوث الكيميائي الثابت.” هذا ما كتبه بعض الباحثين والذي كان سبباً دفعَ بالبعضِ الآخر منهم إلى استكشاف مداخلات هذه المركبات وعملها كطريقةٍ للتخلص من السموم أو تسهيل أمر الإزالة البيولوجية للملوثات الكيميائية الثابتة في سبيل منع حدوث الامراض ذات الصلة و التغلب عليها.

٤.إطلاق مادة البيسفينول(Bisphenol A release):
تُستخدم هذه المادة(Bisphenol A)في العديد من الصناعات وأبرزها إنتاج مواد بلاستيكية نقية خالية من الشوائب و مقاومة للكسر. حيث اُختبرت مادة البيسفينول ولأول مرة في ثلاثينات القرن العشرين لِخصائصها الايستروجينية(estrogenic properties) و بحلول أواخر تسعينات القرن الماضي نشأت مخاوف بشأن مادة (Bisphenol A) و ذلكَ بعد اختبارها على نماذج حيوانية والذي نتجَ عنه هو اكتشاف امتصاص مادة البيسفينول للبلاستيك مما يؤدي إلى حدوث شذوذ في الكروموسومات الجنينية، أمّا بالنسبة للبشر فإن أضرار هذه المادة تتوضح بضمور الغدد الصماء، التسبب بإطلاق مادة السيتوكين(cytokines)المُسببة للالتهابات، إحداث التعديلات الوراثية اللاجينية(epigenetic modification)و الإجهاد المؤكسد(oxidative stress).

٥.إفراز تراكيز معدنية ثقيلة(Heavy metal excretion):
تُمثل سُميّة المعادن الثقيلة مشكلة كبيرة في المناطق سريعة التصنيع مثل المناطق الساحلية في الصين، و قد تؤدي هذه السُمية إلى حدوث سلسلة من العمليات الانحلالية بالأعصاب شبيهة بتلك الموجودة بمرضِ الزهايمر(Alzheimer’s disease)أو تصلب الأنسجة المتعدد(Multiple sclerosis)أو مرض باركنسون(Parkinson disease).

كما واكتشف جيانغو شينغ(Jianguo Sheng) و زملاؤه عن طريق دراسة صغيرة أجروها، أن الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضة بانتظام لديهم مستويات أدنى من التراكيز المعدنية الثقيلة المتراكمة في أجسامهم وذلكَ نتيجة لإفراز الجسم لتلك التراكيز عند التعرق أثناء ممارسة التمارين الرياضية فضلاً عن إفرازها في البول.

وبالإجمال فإن العرق لا يعمل فقط على تبريد الجسم بل و يعمل أيضاً على إزالة العوامل المسببة للمرض و كذلك الملوثات.
و بما أن الأبحاث المختصة بهذا الشأن لم تنبثق إلا حديثاً، لذلك فأن العديد من فوائد العرق لم يُكشف عنها الستار حتى الساعة.

 

 

ترجمة: سَكينة علي

مُراجعة: حوراء جمِيل

نشر وتعديل الصورة: فرات جمال

 

المصدر :هنا