في بادئ الأمر مهما كان ماتأكله فهو قرار شخصي لكن الاختيار بصورة عامة يكون حسب ماتكون عليه علاقة الانسان مع الحيوانات اي أن هذا القرار يكون ناتج من تنشئة الشخص والقيم التي تربى عليها وكذلك حسب شخصيته وما يترتب عليها!
هناك العديد من الأسباب التي تجعل أحدهم يعمل على تقليل استهلاكه لـ(اللحوم) أو التخلِّي عنها بصورة كاملة (حيث يحظى هذا النوع من الأنظمة الغذائية الكثير من الانتباه على الرغم من عدم شيوعه), ففي السنوات العشر الاخيرة من هذا القرن بدأنا نلاحظ ظهور ميول أو نزعة جديدة حيث يكون الناس نباتيين كل الوقت وذلك بدوره أنتج العديد من التساؤلات لدى الآخرين وهي حول ما إذا كان هذا النظام الغذائي جيّد لهم وماهي تلك الأنظمة الغذائية التي يستفاد منها الجسم؟
أوضحت بعض الدراسات والبحوث أن ٣٪ فقط من الأمريكيين هم من يعتبرون أنفسهم (vegans) أي نباتيين بحت (أي عدم استهلاكهم ليس فقط بالنسبة لـ(اللحوم) لا بل حتى لجميع ماينتجه الحيوان مثل الحليب إلا أن بعض الناس ممن يعتبرون أنفسهم(beegans)حيث يقوم نظامهم الغذائي على العسل هم بطبيعة الحال ضمن تلك النسبة) إلا أن ٥٪ منهم من يعدون أنفسهم(vegetarians)أي نباتيين عاديين (أي عدم ادخال اللحوم فقط في نظامهم الغذائي وإمكانية استهلاكهم لتلك المنتجات مثل
البيض، الحليب، العسل بالأضافة للفواكه والخضراوات والفاصوليا (البقوليات) والجوز والحبوب.
كما وأن هناك مايُدعى بـ(pescatarian) حيث يسمح الشخص بإستهلاك السمك في نظامه الغذائي أما بالنسبة لـ(flexitarian) فيعني ان النظام الغذائي يرتكز بصورة رئيسية على الخضروات الا انه من الممكن استخدام اللحوم الحمراء وبقية تلك المنتجات التي يعطيها الحيوان وهذا مانجده في النظام الغذائي (النباتي) الخاص بالبحر المتوسط (الشرق الأوسط) حيث يعد من أفضل الأنظمة الغذائية التي تمت دراستها لاحتوائها على طرق صحية لتناول الطعام.
كما وأوضحت بعض الدراسات أن النظام الغذائي الذي تكون نسبة اللحوم به قليلة يساعد الانسان على العيش لفترة أطول إلا ان دراسات أخرى لم تكتشف لحد الان ان هناك اختلاف واضح بالنسبة للمدة التي يعيش بها النباتيين والناس الذين يعتمدون اللحوم بصورة أساسية بنظامهم الغذائي.
إلا أن هناك أدلة واضحة من خلال مجموعة من البحوث لعام (٢٠١٨) حيث توضح فوائد الأنظمة الغذائية (النباتية), منها تقليل ضغط الدم والكوليسترول والسكر وكذلك تقليل وزن الجسم وبالتالي يكون الانسان أقل عرضة لأمراض القلب والسرطان والسكري وبالذات النوع الثاني حيث يصبح بإمكان الشخص المتبع لهكذا نظام أن يقلل أو حتى من الممكن أن يتخلص من أدويته الخاصة بالسكري.
وكما أوضحت دراسات أخرى بأن تلك الأنظمة النباتية بالذات(veganism) من الممكن أن تساعد بالسيطرة على التهاب المفاصل الرثوي (rheumatoid arthritis).
يتوقع العديد من الباحثون أن الأشخاص الذين يعتمدون مثل هذا النوع من الأنظمة الغذائية هم الأكثر وعياً من الناحية الصحية وذلك من خلال استخدامهم للكحول والسجائر بصورة أقل من غيرهم وبالتالي إمكانية العيش لفترة أطول.
حيث أن بعض البحوث الأولية (التمهيدية) أظهرت لنا النظام الغذائي الخاص بالشرق الأوسط ودوره في تأخير تلف الخلايا العصبية وبالتالي يساعد في جعل معدلات الاصابة بمرض الزهايمر تنخفض عند تقدم السن.
حيث حسب ماقاله Ginger Hultin – عالم تغذية في مدينة Seattle والمتحدث باسم أكاديمية التغذية ومرضى السكري- بإن النظام الغذائي النباتي بطبيعته من المفترض أن يحتوي القليل من الدهون المشبعة ونسبة عالية من الألياف والمعادن والڤيتامينات.
كما وأن فكرة تناول الخضروات والفواكه والاعتقاد بأنها جيّدة لأجسامنا هي فكرة راسخة فينا لكن معرفة فوائد الوجبات التي تعتمد النباتات بصورة رئيسية بحيث تجعلنا أكثر صحة هي جلّ مانحتاجه.
لذلك أظهرت لنا مجموعة من دراسات وبحوث ٢٠١٩ دليلًا يهتم بدعم ماتدعّيه تلك الأنظمة الغذائية النباتية وهو أنها تنتج فوائد صحية عديدة بالنسبة للجسم الا أنهم غير قادرين على كشف تلك الميكانيكيات التي يتم العمل عليها من أجل الحصول على تلك الفوائد وبمعنى آخر أنهم غير متأكدين فيما إذا كانت هذه الفوائد هي مرتبطة بالتغذية ومقدار ما يتم أخذه من السعرات الحرارية وكذلك الامتناع عن تناول المنتجات الحيوانية أم أن هناك عوامل أخرى هي المسؤولة عن ذلك.
إن العلماء يتكفلون بالإجابة على هذا التساؤل من خلال مايقدمونه حيث أنهم يعملون على إثبات حقيقة أن مايكون جيدًا لصحتنا هو بطبيعة الحال جيدًا للمايكروبات الموجودة داخل أجسامنا (والتي تعتبر normal flora) وذلك يكون على سبيل المثال من خلال اعتماد نظام غدائي غني بالألياف حيث يؤدي ذلك إلى تعزيز وجود مايقارب ترليونات من تلك المايكروبات داخل الامعاء مما ينعكس ع صحتنا وهذا ما قامت باستنتاجه دراسات في ٢٠١٨ حيث أوضحت أن الغذاء بالذات النباتي هو العامل الأكثر أهميةً وتأثيرًا في تركيب المايكروبات حيث يؤدي إلى تنوع كبير جداً منها أما بالنسبة لقلة تنوع هذه الكائنات المجهرية فهو يُعزى إلى السمنة وكذلك نتيجة الإصابة بمرض السكري النوع الثاني.
كما وأضفى Hultin بأن علاقة الجنس البشري باللحوم هي علاقة معقدة حيث بين أن نتيجة تطور قابليتنا على تناول اللحم فبالتالي سوف يغير فينا لذلك أصبح اللحم حالياً هو غير أساسي في النظام الغذائي فعلى الرغم من أن هناك مايتم الحصول عليه من المنتجات الحيوانية مثل vitamin B12 إلا أنه من الممكن الاستعاضة عنه من خلال أخذ مكملات غدائية.
كما وأوضح Hultin أن السلطات لا تعتبر نظام غدائي فمثلًا عند إحساس الشخص بالجوع أو أن طاقته منخفضة ذلك يعني أنه يفتقد للكثير في نظامه الغذائي فهو في هذه الحالة يجب أن يقوم بتعديل غذائه تحت نفس المضمون (وهو أن يكون للنباتات النصيب الأكبر) حيث من المهم أن يجد الانسان جميع احتياجاته في حالة اعتماده على هكذا نظام غذائي نباتي.
حيث ببساطة أن العديد من الناس يحبون طعم وملمس اللحم حيث أنهم لايمكنهم تخيل عيد الشكر بدون الديك الرومي وكذلك الباربكيو (حفلات الشواء) بدون وجود شطائر اللحم إلا أنك إذا كنت في حالة اعتمادك نظام غذائي نباتي وتريد الحصول على فوائد صحية فعليك الابتعاد عن هذه الأشياء.
كما وقد وصل استهلاك اللحم الأحمر في أمريكا إلى ما يُقارب (٢٢٢) باوند لكل شخص أي مايُعادل ضعف الكمية في ستينات القرن الماضي حيث أنهم يتناولون اللحم بصورة أكثر من احتياجاتهم فعلى الرغم من أن النظام الغذائي الصحي يتطلب وجود البروتين الحيواني وبشكل أكيد إلا أنهم يستهلكون أكثر من الكمية المحددة بكثير من خلال تناولهم اللحوم التي تحتوي زيادة بالدهون المشبعة.
حيث تم اكتشاف أن شخص واحد فقط من كل عشرة أشخاص يتناولون كمية كافية من الفواكه والخضروات في غذائهم اليومي كما أن مراكز السيطرة على الأمراض ومنع وقوعها قدمت نصائحها ومقترحاتها بأن يكون حصيلة مايتناوله الانسان خلال اليوم الواحد هو ١.٥-٢ كوب من الفواكه و٢-٣ كوب من الخضروات.
أمّا بالنسبة لـ Hultin فقد أوضح بأنه سبق له و قدم نصائحه من أجل إجراء تجارب على الوصفات المحلية فعلى سبيل المثال بدلاً من استخدام اللحم في الحساء من الممكن استخدام العدس كبديل عنه وكذلك بدلًا من استخدام لحم تاكو (taco meat) (وهو لحم أحمر مفروم ومحمص يوضع داخل خبر التورتلا المكسيكي) يمكن استخدام (crumbled tempeh) بدلًا عنه (وهو عبارة عن فول الصويا الذي يتم تحميصه مع بعض المنكهات ومن ثم تقطيعه مثل قطع الكيك) أما عند القيام بطبخ بعض الأطباق التايلندية فبدلًا من استخدام اللحم يمكن استخدام(tofu) (وهو الذي يعرف بروبة الفاصوليا، نوع من أنواع الجبن النباتي المصنوع من حليب فول الصويا وتدخل في عمليات إنتاجه أحيانًا مواد أخرى كالبازلاء والجوز).
حيث نصح Hultin بأن نقوم بعمل وجبات مختلفة وصحية بحيث نستمتع بعملها ونحن نجعل منها أطعمة لذيذة بحيث تناسب مانهدف اليه من اعتمادها على نظام غذائي نباتي صحي وبدون تدخل اللحم فيه.
المصدر: هنا
ترجمة:حوراء جميل باقر
مراجعة وتعديل الصورة: Abilta E Zeus