اقترحت ورقة بحثية جديدة أن عقول البشر سابقًا كانت مشابهة لعقول القرود وهذا يعطي إمكانية لتعقب تطورها ومرونتها.يبدو أن أوسترالوبيثيكوس أفارينيسيس (Australopithecus afarensis)، وهو نوع من البشر الأوائل، قد كان لديه تّلم (شق في الدماغ) هلالي والذي اصبح أقل وضوحًا في الإنسان الحديث.
بسبب صعوبة تشكيل التّلم الهلالي في نماذج الدماغ، فإن موقعه لا يزال غير واضح في الدماغ الأسترالوبيث (الإنسان القديم) australopith.
تبين أن الأفارنسيس afarensis، قد كان يخفي عنا الأسرار لثلاثة ملايين سنة. من أشهر العينات المكتشفة غير الكاملة هي لوسي Lucy التي تم اكتشاف بقاياها التي تشكل نسبة٤٠% من جسدها الكلي في عام ١٩٧٤. إن الأفارنسيس afarensis الأصلي هو شبيه بالبشر سكن في شرق افريقيا وتشير بقاياه الى كونه ثنائي الحركة (أي يستخدم أرجله الخلفية) وذا جمجمة صغيرة.
أوضحت دراسة نُشرت في مجلة العلوم المتقدمةScience Advances والتي تناولت فحص جماجم اثنين من الرضع وستة بالغين ينتمون الى هذا النوع، أنه على الرغم من أن أدمغة الأفارنسيس تبدو شكليا وتنظيميا مثل دماغ القرد، فإنها تظهر على ما يبدو بعض الخصائص البشرية الحديثة في كيفية تطورها.
[يمكن رؤية التّلم الهلالي المصوّر باللون الأحمر ومعلّم بحرف L من خلال الإفتراضي. يمكن رؤية الجزء العلوي للجمجمة والدماغ في A و B أما الجزء الخلفي فيمكن ملاحظته في D, C, E, F والذي يصور جمجمة شمبانزي صغير.]ستخدم الباحثون الأشعة المقطعية التقليدية، والضوء من مسرع الجسيمات، والتصوير بالرنين المغناطيسي لتشكيل سطح الدماغ بحسب ماكان سيبدو داخل الجمجمة. وفقا للنتائج الواردة في الدراسة، بدا دماغ لوسي مثل دماغ القرد ولكن على ما يبدو فأنها احتوت على التّلم الهلالي. إن هذا التّلم غير موجود في الإنسان الحديث، وحتى إن كان موجودا، فأنه لايؤدي وظيفة عليا.
أكدت الدراسة بأنه حتى وإن وجد التّلم الهلالي في النماذج التي فُحصت، فهو لا ينمو داخل القحف، لذلك هناك شكوك حول موقعه في دماغ الأوسترالوبيثيكوس australopith
تشير الدراسة الى أنه في القردة، فإن التّلم الهلالي يتاخم الحدود الأمامية للقشرة البصرية الأولية للفص القذالي (عظم مؤخر الرأس). هناك نظرية تقول بأن إعادة التنظيم داخل بنية الدماغ تسببت في عودة التّلم إلى الخلف، مما أدى إلى “هيئة شبيهة بالإنسان” وبالتالي إلى “اختفاء طبعة القحف في الإنسان”.
صرّح فيليب غونز، عالم الأنثروبولوجيا البيولوجية وأحد مؤلفي الدراسة: “على الرغم من أن الدماغ يشبه إلى حد كبير دماغ القرد، إلا أنه يحتوي على ميزة تشبه الإنسان – وهي قابليته على النمو المستمر”، مما يسمح بمزيد من التطور والمرونة. هل يمكن أن يكون هذا التغيير التطوري مؤشراً واضحاً على أن أدمغة الأوسترالوبيثaustralopiths القديمة كانت تنمو بالفعل لتكون منظمة هيكلياً كما هي أدمغتنا اليوم؟
تضيف الدراسة معللة أن سبب إعادة التنظيم ذلك قد يكون بسبب السلوك المعقد للأفارنسيس الذي يفوق سلوك مثيلاته من صنف القردة مثل صناعة الأدوات، والتخطيط والتواصل الصوتي. لكن يبقى التساؤل عن بداية هذا التطور المستمر للدماغ وإعادة تنظيمه؛ إن كان قد ابتدأ مع تضخم الجمجمة في جنس الهومو البشريHomo قبل مليوني سنة مضت أو عند الأوسترالوبيثaustralopiths قبل مليون سنة.
تدقيق لغوي: علي محمد علي