تحت المياه المالحة للمحيط الأطلسي الشمالي، اكتشف علماء الجيولوجيا مياهاً جوفية عذبة بكمية هائلة، مخفية قبالة ساحل الولايات المتحدة، وعلى الرغم من كون هذه المياه ذات الحجم الضخم مفاجئة، لم يكن وجودها غير متوقعٍ تماماً.
فقد ظهرت الإشارات الأولى لهذه المياه منذ عام ١٩٧٠، لكن، حتى الآن ، لم يتوقع أي أحد أن هذا المخزون الضخم المحجوز في صخورٍ مسامية ينتشر على طول الساحل الشمالي الشرقي للولايات المتحدة.
كول جوستافسون، عالمة الجيولوجيا البحرية في جامعة كولومبيا، تقول:
“لقد علمنا بوجود مياه عذبة معزولة هناك، لكننا لم نعلم مدى انتشارها وأماكن تواجدها”
في عام ٢٠١٥، تولى بعض زملاء العالمة جوستافسون الباحثين دراسة تجريبية قبالة ساحل ولاية نيوجيرسي و جزيرة مارثا فينيارد في ولاية ماساتشوستس.
انطلقت سفينة البحث(Marcus G. Langseth)، و كان الفريق يتطلع الى مسح طبقات مياه جوفية بحرية مدفونة تحت رواسب تحت الجرف القاري باستخدام مستقبل موجات كهرومغناطيسية.
كان التنقيب الاستكشافي الذي تقوم به شركات النفط والذي يحدث منذ عام ١٩٧٠ يكشف بين الحين والآخر عن وجودِ مياهٍ عذبة بينما هو ينقب عن الوقود الاحفوري، لذا فقد كان العلماء على درايةٍ بوجود شيء ما هناك، لكن معلومات المصدر، وكمية المياه المخبأة التي اكتشفوها، كانت قليلة؛ ولتصحيح الوضع، فقد مسح فريق البحث على السفينة (Marcus G.Langseth) موقعي الشمال الشرقي لعشرة أيام، بحثاً عن إشاراتٍ للتوصيل الكهربائي في المياه تحت السفينة.
إن المياه المالحة أفضل من المياه العذبة في توصيلها للموجات الكهرومغناطيسية، لذلك؛ فإن مستقبلات الموجات الكهرومغناطيسية قبالة الساحل، مكّنت الباحثين من تحديد مدى المياه الجوفية الغامضة.
كانت النتائج التي نشرت في إحدى الدراسات تعد محاولة شاملة أولى لتحديد موقع هذا المخزون الضخم ، أظهرت أن “المياه الجوفية التي تقبع تحت المحيط تقع على مسافة ٣٥٠كم (ما يعادل 217 ميل) على الأقل من ساحل المحيط الأطلسي الأمريكي، ويحتوي على ٢،٨٠٠ كيلومتر مكعب من المياه قليلة الملوحة”.
نظراً لطبيعة التقنية في تحديد المواقع بواسطة الأشعة الكهرومغناطيسية، فإن النتائج ظلت تفسيرية بعض الشيء حتى الآن، لكن الفريق يقول أن المياه العذبة الجوفية المخبأة تنتشر على طول الطريق من ديلوير على الحدود الجنوبية مروراً بنيوجيرسي، ونيويورك، وكونكتكت، وجزيرة رود، وحتى ولاية ماساتشوستس، و قد أشار العلماء أن المياه الجوفية من الممكن أن تمتد أكثر من ذلك.
يقول المختصون: “إذا أخذنا بالاعتبار الامتدادات الشمالية الشرقية و الجنوبية المحتملة خارج ملفاتنا، فقد يكون هناك مياه جوفية أكثر بعدة مرات تكمن وراء الجزء الشمالي الشرقي من الجرف القاري الأطلسي للولايات المتحدة ، وهو ما يمثل مورداً للمياه العذبة ينافس أكبر طبقات المياه الجوفية في البر.
أما عن كيفية وصولها هناك، فيقول العماء أنها على الأغلب حدثت عندما حوصرت هناك كمية ضخمة من المياه العذبة الذائبة في العصر الجليدي الأخير تحت ترسباتٍ صخرية.
لاستخدام المياه لأغراض الشرب -اذا قررنا يوماً ما الاستفادة منها- فسيكون علينا تحليتها أولاً لأن أجزاءً منها ستكون مالحة قليلاً،
لاسيما الأجزاء الأقرب للساحل، حتى الوقت الحالي لا أحد يعتقد اننا بحاجة لفعل ذلك، لكن وجود طبقة المياه الجوفية العملاقة يشير الى أن انظمة المياه الجوفية المماثلة يمكن إخفاؤها بسهولة في أجزاء أخرى أكثر حرارةً و أكثر جفافاً في العالم، مثل كاليفورنيا، واستراليا، والشرق الاوسط أيضا.
تقول العالمة جوستافسون:”من الممكن أن تتحول إلى مصدر مهم للمياه في اجزاء أخرى من العالم”.
ترجمة: Mohammad Mahdi Falah
تدقيق: Mosaab Al Hassino
تصميم: Muthanna Hussein
نشر: Abilta E Zeus
المصدر: هنا