على الرغم من ان العلم هو ليس السبب الرئيسي لذهابنا الى القمر، ولكن مع ذلك فان الرحلة امدتنا بفوائد قيمة.
كلٌ من الولايات المتحدة واتحاد السوفيت كان لديهم شيئاً ليثبتوه خلال الستينيات من القرن الماضي، وخلال هذا الوقت كلاهما ارادا ان يبرهنا تفوق نظاميهما السياسي والعسكري (الحرب الباردة)، ومع ذلك ما الذي يمكنهم فعله لإثبات هيمنتهم؟ نظرة الى السماء اعطتهم اجابة سهلة وهي ان تكون دولتهما الدولة الاولى التي ترسل انسانًا الى القمر وهذا ما سيُظهر للعالم من هي الدولة العظمى.
بالطبع، الامريكان ربحوا السباق عندما هبطت ابولو11 بتاريخ 1969/07/20
ولكن لم يكن من الصحيح ان نهبط على سطح القمر ونمشي خطوة واحدة صغيرة ثم نعود الى الارض، ناسا أُجبرَت على هذا عن طريق العلماء الذين ارادوا المزيد من المعلومات عن القمر آنذاك وحصلوا على ذلك. كل رحلات ابولو والتي عددها ستة والتي هبطت على القمر قامت بتجارب علمية تم تصميمها لتخبرنا عن قمرنا الصناعي ومحيطه، ولقد لاقت الصخور التي اتوا بها رواد الفضاء من القمر اهتماماً كبيراً، ولكن بعض التجارب اثبتت قيمتها ايضاً.
كلاً من ابولوا 12 و14 و15 و16 و17 حملوا حزمًا لتجارب على سطح القمر ادواتٍ خاصة لقياس الظروف البيئية على سطح القمر، تستغرق هذه المجموعة المتطورة من الآلات حوالي ساعتين لنصبها، ولهذا فإن ابولو 11 لم يحضروا واحدة معهم لان هذه المهمة كانت فقط للمشي على سطح القمر ولم يكن هناك وقت كافٍ لذلك، وبدلاً من ذلك احضروا معهم حزمة تجارب أبولو السطحية المبكرة. وتشتمل على تجربتين اثنتين وهما مقياس الزلازل السلبي وجامع الغبار. ولقد سجل مقياس الزلازل 100 إلى 200 ضربة للميكروميترويدت (جسيمات نيزكية صغيرة في الفضاء) قبل ان يفشل في اداء وظيفته في 27 أغسطس 1969، أي بعد شهر واحد بالضبط من عمر التصميم للجهاز.
الاجهزة الخمسة المصممة لقياس الظروف البيئية على القمر لم تكن مثالية. في الواقع، لم تظهر أي تجربة واحدة فيها، وكان القاسم المشترك الوحيد هو المحور المركزي او المحطة، ولقد وفرت 70 واطًا من الطاقة للأجهزة من خلال الانحلال الإشعاعي للبلوتونيوم، ووفرت طريقتين للتواصل مع الأرض اذ تستطيع الحزمة تلقي الأوامر من الارض وكذلك ترحيل البيانات التي تم جمعها.
أجرت التجارب سلسلة من دراسة تكوين الغلاف الجوي القمري الضعيف للغاية. واستكشاف بيئة الجسيمات المشحونة والرياح الشمسية، وقياس كمية الغبار المتراكم، الذي كان أقل بكثير مما كان متوقعا؛ والتحقيق في المجال المغناطيسي الضعيف للقمر. وجدت أداة مصممة لدراسة حرارة القمر أن درجة حرارة الطبقة السطحية تنخفض إلى 323- درجة فهرنهايت (197- درجة مئوية) في الليل ولكنها ترجع إلى 185 فهرنهايت (85 درجة مئوية) في ذروتها أثناء النهار. وعلى عمق 5 أقدام (1.5 متر) تظل درجة الحرارة ثابتة 4- فهرنهايت (20- درجة مئوية).
ربما كانت اهم الادوات لـ (حزمة تجارب سطح أبولو القمرية) هي أجهزة قياس الزلازل. بعض الرحلات حملت علماء لأجهزة قياس الزلازل السلبية الذين درسوا القمر ككل. وقد اكتشفوا ان هذه الاهتزازات الصغيرة ناجمة عن اصطدام الميكروميترويدت والزلازل القمرية البعيدة، وتأثيرات المركبات الفضائية، والانفجارات التي من صنع الإنسان. لقد أحسوا بتأثيرات النيزك اليومية وايضًا بمعدل زلزالين قمريين في الشهر الواحد. كشفت ملاحظاتهم عن صورة داخلية للقمر بنفس الطريقة التي تكشف فيها الزلازل ما في داخل كوكبنا. أظهرت النتائج أن قلب القمر يمتد من 20 إلى 25 في المائة فقط من الطريق إلى السطح. ووجدت أجهزة قياس الزلازل أيضًا أن القمر يرن كالجرس عندما يعاني من ضربة قوية، كما حدث عندما حطمت ناسا (عن قصد) ابولو 12 على سطح القمر. ووجد الباحثون أنه بمجرد بدء الزلازل القمرية السطحية، فان الاهتزازات تستمر لمدة 10 دقائق أو أكثر – وهذا أطول بكثير من الزلازل المماثلة على الأرض، والتي تنتهي عادة في غضون دقيقة أو أقل. قامت أبولو 14 و 16 بإجراء تجارب زلزالية نشطة (وكان لأبولو 17 ادوات مماثلة) مصممة لدراسة ردة فعل القمر على الشحنات المتفجرة التي وضعها رواد الفضاء، بعض من هذه التجارب كانت قريبة من تفجير بندقية. وترك طاقم ابولو 16 و 17 قذائف هاون والتي تم تفجيرها عن بُعد بمجرد مغادرة رواد الفضاء القمر. كشفت التجارب أن الجزء العلوي من القشرة القمرية هش للغاية، نتيجة القصف النيزكي المطول للقمر.
استمرت معظم تجارب (حزمة تجارب سطح أبولو القمرية) ALSEP في العمل حتى 30 سبتمبر 1977، عندما أغلقتها ناسا بشكل دائم بسبب الانخفاض في الميزانية المالية. لكن ذلك لم يكن نهاية علوم أبولو القمرية. وقد حمل كل من ابولو 11 و 14 و 15 عاكس Lunar Ranging Retro – ليس جزءًا رسميًا من ALSEP (حزمة تجارب سطح أبولو القمرية) – ولكنه مصمم لعكس إشارات الليزر المرسلة من الأرض إلى مكانه للسماح للعلماء بقياس المسافة بين جسدين في حدود 0.04 بوصة (1 ملليمتر )(GPS). والأجهزة الثلاثة لا زالت تعمل. لقد استخدمها علماء الفلك ليعلموا أن القمر يبتعد عن الأرض بسرعة 1.5 بوصة (3.8 سم) سنويًا. تظهر الملاحظات أيضًا أن قوة الجاذبية العالمية مستقرة للغاية، مع عدم وجود تغييرات يمكن اكتشافها على مدار الخمسين عامًا الماضية.
ترجمة: AbdUlrahman M. Abdulsattar
تدقيق علمي: Lamiaa Alaidee
تدقيق لغوي: Tabarek A. Abdulabbas
تصميم: قحافة ياسين
نشر: Abilta E Zeus
المصدر: هنا