سمح الطب الحديث للجنس البشري التحكم بالحياة والموت أكثر مما سبق، واحياناً إلى الآن، فكرة ‘الخيار’ مجرد كذبة، كما يقول طبيب أمريكي مجهول.
سواء مشرع القانون، او طبيب، او ممرضة، او والد محتمل،فإن آمالنا، ورغباتنا، ومعتقداتنا، وخياراتنا لا تستطيع إنقاذ هؤلاء المحكوم عليهم بالموت.
في هذه الحالات “جل ما نستطيع فعله هو التحكم بحزننا”، وفي بعض الولايات، هذا الطبيب بالأخص يقول، نحن لا نمنح النساء الحوامل أو الخبراء الذين يعالجوهن الكرامة القصوى.
نُشر مؤخراً مقال تحت عنوان “خرافة الخيار”، و هذا المقال المرعب هو انعكاس حي على هذه التجربة، عندما أُجبرت امرأة حامل بصعوبة على إنجاب رضيع دون جمجمة.
هذا الخلل الولادي المميت، والمعروف بإنعدام الدماغ، يُصيب فقط 1,206 من النساء الحوامل في السنة في الولايات المتحدة، والخطورة التي حددها الطبيب، اي دون دماغ او جمجمة على الاطلاق، مجرد جذع دماغ، فأنه لا وجود لناجين على الاطلاق.
من خلال التحدث إلى مترجم الذي عرض الفيديو الخاص به على شاشة التلفاز، اضطر الطبيب إلى تفسيره الى الام المتأملة التي، وبسبب ظروفها، لم تحصل على فرصة الذهاب الى منشأة طبية حتى تلك المرحلة.
قال الطبيب :””عيناها تتوسل اليك. انهِ الأمر، تحدث إلى أخصائي الولادة، لأن الأمر سينتهي. لكن لن يفعلها أحد. ليس في هذه الولاية. ليس في هذه المستشفى. إذن، الأم تذهب الى المنزل، حامل ومكروبة”.
بعد عدة أيام تعود. ستحصل على الإجهاض، وبعد ولادته، الأم لن تستطيع حمل طفلها. بعد لحظات، توفي الطفل المشوه بشدة.
“بعض الممرضات يحتاجوك لأن تصلحه، لتنقذ هذا الطفل بسحر الطب” يستمر المقال.
“فتذكرهم بأن الامر سبق لاوانه، والطفل لا يملك دماغاً، و لا يمكنه النجاة. هذا ليس تشخيصاً مبهماً”.
من دون تشخيص قياسي أو علاج، فريق المستشفى، والذين اعتادوا على العمل من اجل انقاذ حياة، يشعرون بالعجز. بمشاهدتهم يحزنون، الطبيب يستذكر جميع امنيات النساء ” المشوهة بالسياسة”.
“الكرامة في الحزن هي الهدية”، يستنتجون، “لقد سمحت بآمال خاطئة، ليس للعلاج بل من أجل التوثيق، والامل، والعلاج. إنهم الآباء الذين تقوم بمعالجتهم. الامال خاطئة. جميع هؤلاء الأطفال ماتوا في النهاية.”
نُشر حساب الشخصية المؤلمة للقلب في منتصف موجة قوانين ضد الإجهاض في الولايات المتحدة، بعضها يزود بعض الاستثناءات، حتى لزنى المحارم والاغتصاب. في ولاية ألاباما (Alabama)، على سبيل المثال، الاجهاض مقبول فقط عندما يكون ضرورياً لصحة الأم الجسدية، بينما صحتها العقلية وصحة طفلها نادراً ما تؤخذ بنظر الاعتبار.
حسب الكلية الأمريكية لأخصائيي الولادة والاطباء النسائيين، الاجهاضات المعمول بها في الشهور الثلاث الاخيرة من الحمل نادرة، ما يفسر اقل من 1% من جميع الحالات، وعادة تحمل حالات شاذة للجنين، مثل انعدام الدماغ، والذي يعتبر “غير ملائم للحياة”.
بينما القوانين على هذا القرار المثير للجدل والمليء بالسياسة تتنوع عبر الولايات المتحدة، 43 ولاية حالياً تحضر بعض انواع الاجهاض في الاشهر الاخيرة من الحمل.
على العموم قد تبدو للشخص العادي، طبياً، “اخر شهور الحمل” هو حمل يمتد الى ما بعد الوقت اللازم للحامل.
في هذه الاثناء، الخصوم السياسيين يستخدمون العبارة “اجهاض اخر شهور الحمل” لوصف الإجهاضات التي تحدث حول 21 اسبوع بعد الحمل. (بنفس السياق، معرفة “دقة القلب” ليس له علاقة بالجنين الذي يملك دقة قلب حقيقية).
في كتاب حديث عن تاريخ الإجهاض، يوضح عالم الاجتماع زياد منسن (Ziad Munson) بأن ليس هناك أي شيء طبيعي عن كيفية تفكيرنا بالإجهاض والدور الذي يلعبه في السياسة والمجتمع.
عوضاً يقول، “الاجهاض قد انشئ كقضية مثيرة للجدل بسبب تنوع الأحداث التاريخية، وقرارات الأفراد المختلفة، والمنظمات والتحركات الاجتماعية خلال شوط من تاريخ البلد، والطرق التي قد غيرت البيئات الاجتماعية خلال الزمن”.
الجدل حول الإجهاض هو، وكما كان دائماً، انقسام حضاري واجتماعي، مبني على مناهج مختلفة للسؤال المعقد عن بداية الحياة.
يمكن أن تقود “خرافة الخيار” الضغط السياسي إلى أبعد من هذا، ومع ذلك هي تستحضر نقطة مهمة، وهي ان في حالات معينة، إنقاذ الحياة غير المولودة أمر مستحيل، والاجهاض ربما يكون ارحم قرار للجميع و للأفضل.
كتب الطبيب المجهول :”لقد رأيت هذه الاجنة تتقطع، وتُرمى، وتتشوه تحت اسم العناية المركزة.”
“افعل ما بوسعك، لأنه من لا يريد ان ينقذ طفله ؟ في بعض الأحيان كل ما نستطيع فعله هو التحكم بحزننا”.
ترجمـــة : Narjes Ahmed
تصميـــم : Hussein Al-Noaimie
تدقيق ونشـــر : Jazmine A. Al-Kazzaz
المصـــدر : هنــــــــــــــا