- أين توجد الكائنات الفضائية ؟
نظر الفيزيائي، في أحدى الليالي قبل ٦٠ سنة، انريكو فيرمي الى السماء وتسائل قائلاً “أين الجميع ؟”
وكان بسؤاله هذا يتحدث عن الكائنات الفضائية .
يعي العلماء اليوم بأنه يوجد الملايين وربما المليارات من الكواكب في الكون والتي يمكن ان توجد حياة على سطحها . إذاً .. في التاريخ الطويل لكل شيء لماذا لم تنجح اي من هذا الحيوات في قطع المسافة الكافية في الفضاء لتصل الى البشر ؟ (لتصافحهم بمخالبها …. او ربما بمجساتها)، الجواب ربما بسبب ان الكون كبير لدرجة تجعل اجتيازه يستغرق وقتاً طويلاً جداً .
من الممكن ان الكائنات الفضائية تتجاهل الانسان بصورة متعمدة. ومن الممكن ان كل الحضارات التي في طور النمو محكوم عليها بنحو لا رجعة فيه بتدمير نفسها.
او من الممكن ان يكون السبب شيء اكبر واكثر غرابة .. ربما تتسائل مثل ماذا ؟ فيما يلي تسعة اجوبة غريبة افترضها العلماء لظاهرة فيرمي :
1- الكائنات الفضائية تختبأ في محيطات جوفية :
اذا كان الانسان يأمل بالتحدث مع اي تي (E. T.) )اسم الكائن الفضائي في فيلم E.T)، فسوف يكون بحاجة الى امتلاك بضع كسارات الجليد. او بالحديث بجدية، من المحتمل ان حياة الكائنات الفضائية انحصرت في محيطات سرية ودُفنت عميقاً داخل الكواكب المتجمدة .
يقول علماء الفلك ان المحيطات الجوفية من الماء السائل تدفقت تحت اقمار متعددة في نظامنا الشمسي وربما تكون منتشرة في درب التبانة. حيث يعتقد الفيزيائي في ناسا (NASA) آلان ستيرن (Alan Stern) ان مياه العوالم السرية مثل هذه توفر مرحلة مثالية لتطوير الحياة، وان كانت ظروف السطح غير مناسبة وتسبب امراض لتلك النباتات . قال سترين لموقع سبيس (Space.com) :”التأثيرات، والتوهجات الشمسية، والمستعرات القريبة، واي مدار انت فيه، و ان كنت تملك مجال مغناطيسي او لا، وان كانت هناك اجواء سامة، فلا شيء مما ذكر يهم بالنسبة للحياة تحت الارض”.
هذا امر عظيم بالنسبة للكائنات الفضائية، لكنه يعني ايضاً اننا لن نكون قادرين على اكتشافهم بالنظر فقط لكواكبهم بالتيليسكوب . هل يمكننا ان نتوقع تواصلهم معنا ؟ مستحيل .. يقول سترين ، هذه المخلوقات تعيش في اماكن عميقة جداً، ولا يمكننا حتى التوقع بأنهم يعلمون بوجود سماء فوق رؤوسهم .
2- الكائنات الفضائية سجينة في كوكب خارج المجموعة الشمسية “super earths”:
كلا ، ان الأرض الهائلة (Super Earths) ليس اسماً مقرباً من المسلسل الكارتوني (Captain Planet)،
وانما يشير هذا الاسم في علم الفلك الى نوع من الكواكب ذا كتلة اكبر بعشرة مرات من كتلة الارض. كشفت دراسات النجوم الكثير من هذه العوالم التي يمكن ان تكون لها ظروف لوجود الماء السائل.
هذا يعني ان حياة الكائنات الفضائية يمكن ان تتطور على كواكب (super earths) في كل انحاء الكون .
لسوء الحظ من المحتمل اننا لن نقابل هذا الكائنات . وفقاً لدراسة نُشرت في ابريل ، ان كوكب بكتلة تفوق كتلة الارض بعشرة مرات سيكون ايضاً خاضع لسرعة افلات الارض بـ٢،٤ مرات، وايضاً التغلب على هذا الدفع يمكن ان يجعل اطلاق صاروخ او رحلة فضائية قريبة مستحيل.
قال الباحث المنتسب في مرصد سونبيرغ (the Sonneberg Observatory) في المانيا، مايكل هيبك (Michael Hippke) في مقال لموقع (Live Science)
”من المتوقع ان تكون الرحلات المتجهة الى الكواكب الضخمة اخرى ستكون اكثر كلفة، بدلاً من ذلك ، قد تُحتجز هذه الكائنات على كوكبها الخاص. “
3- نحن نبحث في الاماكن الخاطئة ( لان كل الكائنات الفضائية روبوتات) :
اخترع الانسان الراديو بحدود سنة 1900، وصنع اول كمبيوتر سنة 1945، ويعمل الآن في مجال الأجهزة المحمولة القادرة على أداء البلايين من العمليات الحسابية في الثانية الواحدة. ان الذكاء الاصطناعي الكامل يمكن ان يكون قريباً ، حيث قال عالم المستقبل سيث شوستاك (Seth Shostak) بأن هذا سبب كافٍ لإعادة صياغة ابحاثنا حول ذكاء الكائنات الفضائية
اذ علينا ببساطة البحث عن “آلات” وليس “كائنات صغيرة خضراء اللون”
قال شوستاك في مؤتمر دنت للفضاء(Dent:Space) في سان فرانسيسكو (San Francisco) سنة 2016 :”اي مجتمع فضائي يخترع الراديو حيث يكون بأمكاننا سماعهم وفي غضون قرون قليلة خلقوا خلفائهم، انا اعتقد ان هذا هو ما يهم حقاً لان الخلفاء هم الآلات”
يقول شوستاك “ان مجتمع الكائنات الفضائية المتقدم حقاً يمكن ان يكون مأهول بالكامل بروبوتات فائقة الذكاء وهذا يجب ان يبلغ بحوثنا عن الكائنات الفضائية .بدلاً من تركيز جل بحوثنا على ايجاد كواكب صالحة للسكن . ربما بأمكاننا ايضاً النظر لأماكن يمكن ان تكون اكثر جذباً للآلات ، مثل الاماكن ذات كميات الطاقة الكبيرة ومثل مراكز المجرات، نحن نبحث عن نظرائنا، لكن لا علم لي بهذا القدر من الذكاء في الكون “.
4- لقد عثرنا على كائنات فضائية مسبقاً (لكننا مُشتتين جداً لدرجة من الصعب ادراكهم ):
بفضل الثقافة الشعبية، فأن كلمة كائن فضائي “aliens” تجعلك تتخيل كائن شبه بشري مخيف برأس اصلع كبير . قد يكون هذا سيناريو جيد لهوليوود .
لكن هذه الصور المسبقة لفيلم “.E.T” بأمكانها تخريب جميع بحوثنا حول حياة الكائنات الفضائية .
هذا ما كتبه فريق من علماء التفس في اسبانيا سابقاً هذه السنة.
في دراسة غير موسعة، طلب الباحثون من 137 شخصا القاء نظرة على صور الكواكب الأخرى والبحث فيها عن علامات لوجود كائنات فضائية . كان هناك رجل بزي غوريلا مخبئ بين العديد من الصور. بينما كان المشاركون يبحثون عن ما تصوروه عن حياة الكائنات الفضائية, 30% فقط لاحظوا الرجل بزي الغوريلا.
كتب الباحثون: في الواقع، على الأرجح لا تبدو الكائنات الفضائية مثل القردة; لا يمكن حتى اكتشافهم بواسطة الضوء والموجات الصوتية. اذن, ما الذي توضحه هذه الدراسة لنا؟ في الأساس، ان مدى خيالنا وانتباهنا يحد من بحثنا عن كائنات خارجية. اذا لم نتعلم توسيع اطر مراجعنا، فقد نفقد الغوريلا التي تحدق في وجهنا.
5- سيقتل الانسان كل الكائنات الفضائية ( او إنه فعل ذلك مسبقاً ):
كلما اقتربنا اكثر من العثور على الكائنات الفضائية ازداد اقترابنا من تدميرهم. هذا امراً محتملاً في النهاية. على اي حال هذا ما يقوله المختص في الفيزياء النظرية، الكسندر بيريزن (Alexander Berezin).
فكرته مفادها ان اي حضارة قادرة على اكتشاف ما وراء مجموعتها الشمسية يجب ان تكون على طريق النمو والتطور المطلق ، وكما على الأرض, غالباً ما يأتي هذا التطور على حساب الكائنات الحية الاصغر .
يقول بيريزن عقلية (انا أولا ) ربما لن تنتهي عندما نلاقي الكائنات الفضائية أخيراً، على افتراض اننا سنلاحظها حتى.
” ماذا لو ان اول حياة تصل للقدرة على السفر بين النجوم تمحي بالضرورة جميع من ينافسها لتغذية توسعها الخاص ؟ ” كتب بيريزن في مقالة نُشرت في نيسان بجريدة “arXiv.org” المطبوعة “انا لا اشير الى ان الحضارات المتقدمة سوف تمحي مظاهر الحياة الأخرى متعمدة. لكن من المحتمل انهم لن يلاحظوا ذلك ببساطة، حيث ان بالطريقة ذاتها يدمر طاقم العمال كثيب النمال لينشئ مبنى حقيقي لانهم لا يملكون سبب لحمايته” (يبقى ان يُرى اذا كان الانسان في هذا السيناريو هو النمل ام الجرافات).
6- الكائنات الفضائية شنت تغييراً مناخياً (وماتت):
عندما يحرق السكان مصادرهم بسرعة تفوق قدرة الكوكب على تزويدهم بها فهذه كارثة تلوح في الأُفق .
نعلم جميعاً كارثة تغير المناخ التي تجري على الأرض . إذاً ، أليس محتملاً ان مجتمع الكائنات الفضائية المتقدم والمفعم بالطاقة يمر بنفس ما نمر به ؟
وفقاً لعالم الفيزياء الفلكية آدم فرانكAdam Frank) ) أن هذا ليس أمراً محتملاً فحسب بل ممكناً جدا ، قدم فرانك نقداً لسلسلة نماذج في الرياضيات لمحاكاة كيف يمكن لحضارة افتراضية لكائنات فضائية ان تنشأ وتسقط حيث تتحول مصادر كوكبها الى طاقة . الخبر السيء ان هناك ثلاثة من اربع سيناريوهات محتملة، ان المجتمع قد انهار وغالبية سكانه قد لقوا حتفهم. فقط عندما عثر المجتمع على المشكلة مبكرا وانتقل الى الطاقة المستدامة مباشرةً حيث تمكنت الحضارة من البقاء.
هذا يعني ، انه اذا كانت الكائنات الفضائية موجودة فأن الاحتمالات كبيرة بأنهم سيدمرون أنفسهم قبل أن نتمكن حتى من اللقاء بهم .
وقال فرانك ” عبر الفضاء الكوني والزمن، سوف يكون هنالك فائزين، وهم الذي تمكنوا من رؤية ما كان يجري و اكتشفوا الطريق عبره، وكذلك سوف يكون هنالك خاسرين، وهم الذين لم يتمكنوا من فهم افعالهم وسقطت حضارتهم على جانب الطريق، السؤال هو : في أي فئة نريد أن نكون ؟ “
7- لم تتمكن الكائنات الفضائية من التطور بالسرعة الكافية (وماتت):
عذر آخر تحت عنوان ” الكائنات الفضائية قد ماتت مسبقاً “. ربما يكون الكون مزدحم بالكواكب التي يمكن اللجوء اليها، لكن ليس هنالك من ضمان بأنها ستبقى متوفرة مدة طويلة كافية حتى تتطور الحياة.
وفقاً لدراسة اجريت في سنة 2016 في الجامعة الوطنية الاسترالية ، أن الكواكب الرطبة الصخرية كالأرض تكون غير مستقرة للغاية بالنسبة لهم عند ممارسة حياتهم، إذا كانت حياة اي كائن فضائي تأمل بالتطور والازدهار في هذا العالم ، فهي تملك نافذة محدودة جداً (بضع مئات الملايين من السنين) للبدأ بعملها .
بين موجات الحرارة المبكرة، و الإنجماد و تباين المحتوى المتبخر و المتطاير ( غازات الاحتباس الحراري)، فإن المحافظة على الأرض برطوبة مبدئية و كوكب صخري في مساحة صالحة للسكن يمكن ان تبدو جميعها كمحاولة للركوب على ظهر ثور بري – حيث معظم الحياة تسقط من على متنه. كتب المؤلفون : ” الحياة قد تكون نادرة في الكون، ليس لان من الصعوبة البدأ بها، بل بسبب صعوبة الحفاظ على البيئات الصالحة للسكن خلال السنوات المليار الاولى”.
8- الطاقة المظلمة تفصلنا عن بعضنا البعض :
إن الكون يأخذ بالتوسع ببطئ لكن بنحو ثابت، والمجرات تتحرك مبتعدة عن بعضها، مع نجوم بعيدة تظهر لنا كأضواء. كل الشكر للسحب الغامضة، مادة غير مرئية يدعوها العلماء بالـطاقة المظلمة .
يتوقع العلماء في غضون الاعوام الترليون القليلة القادمة أن الطاقة المظلمة سوف تصيب الكون بحالة تمدد كبيرة حيث ان سكان الارض لن يكونوا قادرين على رؤية المجرات وراء اقرب جار لنا في الكون.
إن هذه الفكرة مخيفة إذا لم نكتشف الكون قدر استطاعتنا قبل فوات الآوان حيث ان تحريات كهذه قد تفقد للابد .
كتب عالم الفيزياء الفلكية في مختبر مسرع فيرمي الوطني (Fermilab) في إلينوي الامريكية، دان هوبر (Dan Hooper) في دراسة أجريت بداية هذا العام ” ليس فقط ان النجوم أصبحت لا يمكن ملاحظتها، ولكن لا يمكن الوصول اليها تماما”. هذا يعني أننا على شفير خطر للعثور على اي كائن فضائي واللقاء به، وللبقاء متقدمين بخطوة على الطاقة المظلمة،
إننا بحاجة الى توسيع حضارتنا الى عدة مجرات قدر المستطاع قبل ان تنجرف جميعهاً بعيداً.
وقال هوبر، بالطبع دعم هذا النوع من النمو لن يكون سهلاً، فقد يقتضي إعادة ترتيب النجوم.
9- نهاية مثيرة للجدل : نحن الكائنات الفضائية :
إذا خرجت من منزلك اليوم, كل ما تراه قد يعتبر كائن فضائي. إمرأة توصل البريد؟ كائن فضائي. جارك في البيت المجاور؟ كائن فضائي فضولي. والديك واقاربك؟ كائنات فضائية، جميعهم فضائيون.
هذا مفهوم واحد على الاقل لنظرية الاحياء الفلكية الهامشية والمسماة بـ “التبذر الشامل” (Panspermia)، وتتلخص هذه النظرية بأن الحياة التي نراها اليوم على الأرض لم تكن نشأتها هنا بل ” زُرعت ” بذورها هنا منذ ملايين السنين من خلال نيازك تحمل بكتيريا من العوالم الأُخرى.
إن انصار هذه النظرية قدموا اقتراحات مختلفة بأن الاخطبوط، وحيوان بطيئ الخطو (دب الماء) والإنسان زُرِعوا هنا وأتوا من أجزاء اخرى من المجرة – لكن لسوء الحظ لا يوجد دليل واقعي يدعم هذه الادعاءات. هناك جدال كبير بالمقابل: اذا كانت البكتيريا التي تحمل الحمض النووي للإنسان قد تطورت في كوكب آخر قريب، لماذا لم نجد آثار للجنس البشري في أي مكان آخر غير الأرض؟ حتى وإن اصبحت هذه النظرية معقولة ، فإنها لا تعطي جواباً لسؤال ” فيرمي” العنيد وهو “أين الجميع ؟”
ترجمــة : Samah Salah
تصميــم : Kuhafa Yassin
تدقيق ونشــر : Jazmine A. Al-Kazzaz
المصــدر : هنـــــا