الثلج هو وحش معقد. وبينما لم نتمكن على الإطلاق من معرفة الانواع الا نوع واحد ، فإن العلماء يعرفون فعليًا حوالي 20 نوعًا جزيئيًا مختلفًا من الثلج بعضها بطيئ ونادر الحدوث ، وقد توجد فقط داخل المحاكاة الحاسوبية أو مدفونة داخل كواكب بعيدة.
ولكن نظرًا لأن الماء يمكن أن يتجمد إلى مادة صلبة بعدة طرق مختلفة، فإن تبلوره ليس بالضرورة أمرًا لا مفر منه. تمكن العلماء، في تجربة جديدة، من إنتاج مياه يبدو انها لا تتحول إلى جليد، حتى عندما يخضع الماء لدرجات حرارة تقترب من الصفر المطلق.
هناك عدد من الطرق لتطوير ما يسمى (الماء غير قابل للانجماد) لكن العلماء يجدون باستمرار أساليب جديدة لاختبار حدود هذه التقنيات.
تتضمن بعض هذه الدراسات دراسة ما يعرف بالجليد غير المتبلور، وهو شكل غير متبلور ولكنه صلب من الماء، حيث لا يتشكل الجليد أبدًا لأن جزيئات الماء تُمنع من عملية التبلور.
نجح العلماء، في العام الماضي، في السويد في تبريد الماء السائل بدرجة حرارة قياسية منخفضة تصل إلى حوالي -45 درجة مئوية (-49 درجة فهرنهايت) دون تشكل الجليد، لكن الباحثين في سويسرا طوروا بحثهم إلى أبعد من ذلك.
تمكن باحثون من المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا (ETH)وجامعة زيوريخ في مدينة زيورخ، وبإستخدام شكل من اشكال “العزل النانوي” لجزيئات الماء بمساعدة الأغشية القائمة على الدهون المركبة، من خفض درجة حرارة الماء إلى 263- درجة مئوية (441- فهرنهايت)، اي فقط 10 درجة مئوية فوق الصفر المطلق، دون أن يصبح الجليد.
إن العزل المادي للمياه في المقياس النانوي يمكن أن يلعب دوراً رئيسياً في التحكم في خواصه”، يشرح الباحثون في بحثهم.
“خصوصاً ، يمكن أن يمنع العزل في نطاق النانومتر ترتيب جزيئات الماء في تكوين جليدي، وبالتالي يمنع التبلور في درجة حرارة تحت الصفر ويخلق حالة من الماء غير المتبلور”.
لتركيب جزيئات الماء غير المطمئنة، قام الفريق بتجميع فئة جديدة من جزيئات الدهون التي تتحول إلى مادة بيولوجية ناعمة تُسمى الطور الوسطي الدهني.
في هذا الهيكل، تتجمع جزيئات الدهون في ترتيب ينشئ شبكة ضيقة للغاية من القنوات المتصلة ، يبلغ قطر كل منها أقل من 1 نانومتر.
يمكن أن توجد جزيئات الماء داخل هذه الأنفاق الصغيرة، في شكل سائل، ولكن المساحة محدودة بشكل كبير ، تبلور الجليد مستحيل على المستوى الجزيئي، حتى عندما يتم تبريد الطور الوسيط الدهني مع الهيليوم السائل إلى حوالي 10 كلفن.
يقول الباحثون إن هذا الإنجاز للعزل النانوي ناتج عن تعديلات جزيئية داخل التركيب الذري للمادة الدهنية، والتي تعيد ترتيب الاجزاء الكارهة للماء (طاردة الماء) والأجزاء المحببة للماء (الطور المائي).
يقول أحد اعضاء الفريق، والكيميائي من جامعة زيوريخ، إيهود لانداو (Ehud Landau) : “إن حداثة الدهون لدينا هي إدخال الحلقات الثلاث شديدة التوتر في مواقع محددة داخل الأجزاء الكارهة للماء للجزيئات”.
“هذه تمكن الانحناء اللازم لإنتاج قنوات المياه الصغيرة هذه وتمنع الدهون من التبلور.”
على الرغم من عدم حدوث البلورة، الا ان في درجات الحرارة المنخفضة للغاية، يصبح الماء ‘زجاجي’، وهي حالة فرعية من المادة صلبة ولكنها ليست جليدًا، على المستوى الجزيئي، ولكنها ليست متبلورة بالطريقة مثل الجليد.
بالنظر إلى أن بلورات الجليد لا تتشكل أبدًا، يقول الباحثون إن أغشية الطور الوسطي للدهون يمكن أن تساعد العلماء يومًا ما في الحفاظ على المادة المستندة إلى البروتين دون الإضرار بها، أو إبقائها في شكلها الأصلي في درجات حرارة منخفضة للغاية، أو مساعدتنا في اكتشاف طرق جديدة لمنع الماء من التجمد والتحول الجليد.
يقول عالم الفيزياء وباحث المواد اللينة من جامعة زيورخ، رافاييل ميزينغا (Raffaele Mezzenga):”لكن عملنا لم يكن يهدف إلى تطبيقات غريبة”.
“كان تركيزنا الأساسي هو إعطاء الباحثين أداة جديدة لتسهيل دراسة الهياكل الجزيئية في درجة حرارة منخفضة دون بلورات تتداخل مع الجليد، وفي النهاية لفهم كيفية تفاعل عنصرين رئيسيين في الحياة، المياه والدهون، في ظل ظروف الحرارة القاسية والعزل الهندسي “.
ترجمة وتصميــم : Hussein AlNoaimie
تدقيق ونشــر : Jazmine A. Al-Kazzaz
المصدر: هنا