هل يساعد (العلاج بالتبريد)، والذي يتضمن الوقوف لعدة دقائق في وعاء كبير وبدرجة حرارة منخفضة للغاية (تحت الصفر) على فقدان الوزن، والحد من الإلتهابات والآلام العضلية، وتحسين الأداء الرياضي ، وتحسين النوم وبطئ الشيخوخة كما يُشاع ، أم هو مجرد بدعة أخرى من البدع التي سيتم تفنيدها في نهاية المطاف من خلال البحوث والدراسات العلمية؟
شهد العلاج بالتبريد لكافة أنحاء الجسم العديد من الإشادات من قبل بعض الرياضيين والمشاهير البارزين، ولكن حادثة وفاة (شيلسيا باتريشا أيك-سالفيشون – Chelsea Patricia Ake-Salvacion) ،(24 عاماً) في الآونة الأخيرة أثناء العلاج بالتبريد قد جلبت مزيداً من الشكوك خاصةً مع تزايد إستخدام هذا النوع من العلاج في كافة أنحاء العالم.
المصطلح (Cryotherapy) مشتق من الكلمة اليونانية (krous)، والتي تعني (جليدي – بارد جدأ – متجمد)، أما (therapy) فتعني (العلاج). لذلك فإن أي استخدام للثلج أو مواد باردة جدا لعلاج شيء معين يعد أحد أنواع العلاج بالتبريد.
إن أكثر أشكال (العلاج بالتبريد) شيوعاً وشهرةً هو استخدام الثلج أو الكمادات الباردة ووضعها على منطقة الإصابة حيث تؤدي الى تقلص الأوعية الدموية وبالتالي تقلل من النزيف كما تساعد على تخفيف الألم المصاحب للإصابة.
في حين لا يزال هناك بعض الجدل حول فعالية هذا النوع من العلاج على المدى البعيد ، كالعلاج بالتبريد الموضعي (أي تطبيقه على جزء محدد من الجسم) ويبدو أن لهذا النوع من العلاج فوائد واضحة على المدى القصير ، حيث يُعد روتيناً طبيعياً بالنسبة للكوادر الطبية منذ زمن ليس بالقصير.
هنالك نوع آخر من العلاج بالتبريد الموضعي والذي يسمى (التداخُل الجراحي بالتبريد – Cryosurgery) وهو استخدام المواد شديدة البرودة مثل النيتروجين السائل لتجميد وإزالة الأورام كالزوائد الجلدية وسرطان البروستات.
على عكس العلاج بالتبريد الموضعي ، يتضمن العلاج بالتبريد لكافة أنحاء الجسم تعريض الجسم بأكمله إلى درجات حرارة منخفضة جدًا (تحت الصفر) ، وأحيانًا أقل من (-200) فهرنهايت ، لبضع دقائق (عادة من 2 الى 4 دقائق).
في العادة ، سوف يقف الشخص في وعاء ضخم أو جهاز يشبه الخزانة الى حد كبير ، ويرتدي أقل ما يمكنه من الملابس حيث يتعرض الى النيتروجين السائل أو الهواء الجاف البارد.
نشأت هذه الطريقة العلاجية في اليابان خلال النصف الثاني من العام 1970 بواسطة الطبيب الياباني (توشيما ياماغوشي – Toshima Yamaguchi) أخصائي إلتهابات وأمراض المفاصل ويعد أول من أخترع هذا النوع من العلاج حيث بدأ بالإنتشار بعدها إلى كافة أنحاء العالم.
المدهش في الأمر، أن العديد من مراكز العلاج بالتبريد ظهرت في مواقع ذات طقس حار نسبياً مثل جنوب كاليفورنيا وفلوريدا.
وقد بدأت مراكز العلاج بالتبريد بالإنتشار حيث أن بعض أصحابها لا يمتلكون شهادات تدريب طبي أو أوراق إعتماد أصولية، ومن بين المشاهير الذين يخضعون لهذا النوع من العلاج (كوب بريانت وليبورن جيمس وديمي مور وجيسيكا ألبا وجينيفر أنستون ودالاس مافريكس)، حيث يقول البعض منهم أنهم شعروا بتحسن ونشاط بعد الخضوع لهذا النوع من العلاج.
كما يميل بعض الناس الى الإعتقاد بأن العلاج بالتبريد لكافة أنحاء الجسم قد يُحسن المظهر الخارجي ويساعد على خسارة بعض الوزن.
ولا بد لنا من طرح هذا السؤال : ما الذي يدفع الناس الى تحمل البرد الشديد لعدة دقائق إضافةً الى الخسائر المادية المترتبة على هذا النوع العلاج ؟ هل أن هنالك فائدة حقيقية تدفع الناس للقيام بذلك ؟ ستجد العديد من الإدعاءات على الإنترنت وبالتحديد من الأشخاص المالكين لمراكز العلاج بالتبريد حيث يدعون بأنه يقلل من حدة الإلتهابات ويقوم بإعادة توجيه الدم الى الأعضاء الحيوية للجسم بالإضافة الى تعزيز المناعة وتحسين عملية التمثيل الغذائي – فهل هنالك أدلة علمية ملموسة تؤيد هذه الإدعاءات ؟
في الواقع، أن العديد من هذه الادعاءات لا تستند إلى أدلة علمية ذات مصداقية. على سبيل المثال ، لا يوجد دعم علمي حقيقي يثبت أن خضوع كامل الجسم للعلاج بالتبريد له فعالية من ناحية خسارة الوزن أو الوقاية من السمنة.
من غير الواضح كيف وأين ظهرت مثل هذه المعتقدات ، حيث أظهرت الأدلة أنه لا يوجد “حل سحري” واحد لفقدان الوزن أو السمنة. وتركز معظم الأدلة الموجودة (وإن كانت محدودة) حول تأثيرات العلاج بالتبريد على الإلتهابات والآلام العضلية. وقد استخدم المتخصصون في مجال الصحة العلاج بالتبريد ولكامل الجسم لتخفيف الألم والالتهابات لحالات خاصة مثل التهاب المفاصل ، والألم العظلي التليفي ، وإلتهاب الفقرات التصلبي إضافةً الى الإصابات والجروح.
ومع ذلك ، فإن دراسة حديثة نُشرت مؤخرا لم تجد دليلاً علمياً مقنعاً على أن هذا النوع من العلاج يعد فعالاً في منع وعلاج آلام العضلات التي تحدث عند الأشخاص البالغين بعد ممارسة الرياضة.
ومع عدم توفر أدلة علمية كافية تؤيد مزاعم بعض الأشخاص حول فاعلية هذا النوع من العلاج، فإن منظمة الغذاء والدواء الأمريكية لم توافق حتى الآن على إعتباره علاجاً طبياً.