الجهاز الهضمي البشري عبارة عن سلسلة من الأعضاء التي تحوّل الطعام إلى عناصر غذائية أساسية يتم امتصاصها في الجسم ويتم طرح المواد الغير ضرورية خارجاً ، والجهاز الهضمي ضروري جداً ففي حال توقفه لا يمكن أن يتغذى الجسم أو يتخلص من الفضلات.
وصف الجهاز الهضمي
يبدأ الجهاز الهضمي من الفم ويتضمن المريء والمعدة والأمعاء الدقيقة والأمعاء الغليظة (المعروفة أيضًا بالقولون) والمستقيم وينتهي عند الشرج. يبلغ طول النظام بأكمله – من الفم إلى فتحة الشرج – حوالي 30 قدمًا (9 أمتار) ، وفقًا للجمعية الأمريكية للتنظير المعدي المعوي (ASGE).
يبدأ الهضم بالفم، يمكن لرائحة الطعام أن تولد اللعاب، الذي تفرزه الغدد اللعابية في الفم ،والذي يحتوي على إنزيم ، “الأميليز” اللعابي، ووظيفته تكسير النشا – تلعب الأسنان ، وهي جزء من الهيكل العظمي ، دورًا رئيسيًا في عملية الهضم. في الحيوانات آكلة اللحوم ، تم تصميم الأسنان لهرس وتحطيم اللحوم. أما آكلات الأعشاب فإن أسنانها مصممة لطحن النباتات والأطعمة الأخرى لتسهيل عملية الهظم.
يتم ابتلاع الطعام الممضوغ ودفعه إلى المريء ، حيث يمر عبر البلعوم، وعند الجزء الأسفل من البلعوم يأخذ الطعام شكل كتلة دائرية صغيرة وتبدأ عملية الهضم لا إرادياً، وخلال سلسلة من التقلصات العضلية في المريء، ينتقل الغذاء الى المعدة ، وفقا للمعاهد الوطنية للصحة (NIH).
تبدأ العصارة المعدية الهضمية، والتي هي في الأساس مزيج من حمض الهيدروكلوريك والبيبسين ، في تحطيم البروتينات وقتل البكتيريا الضارة المحتملة ، وفقا لـ “ASGE”. بعد ساعة أو ساعتين من هذه العملية ، يتم تكوين معجون سميك شبه سائل يدعى “الكيموس”.
عند هذه النقطة ، يفتح صمام العضلة العاصرة البوابية ويدخل “الكيموس” الى الاثني عشري ، حيث يمزج مع الإنزيمات الهاضمة من البنكرياس وأحماض الصفراء من المرارة … وفقا “لكليفلاند كلينك” “ Cleveland Clinic”. المحطة التالية للكيموس هي الأمعاء الدقيقة ، وهي عبارة عن عضو على شكل أنبوب بطول 20 قدم (6 أمتار) ، حيث يتم امتصاص العناصر الغذائية، ثم تنتقل إلى مجرى الدم ومن ثم إلى الكبد.
يقوم الكبد بتصنيع “الكلايكوجين” من السكريات والكربوهيدرات لإمداد الجسم بالطاقة وكما ويقوم الكبد بتحويل البروتينات الغذائية إلى بروتينات جديدة يحتاجها الدم. وبحسب “لكليفلاند كلينك” فإن الكبد يكسر أيضا المواد الكيميائية غير المرغوب بها مثل الكحول حيث يزيل الكبد سمّيته ويطرحه خارج الجسم.
كل ما تبقى من المواد يدخل إلى الأمعاء الغليظة، إن وظيفة الأمعاء الغليظة ، التي يبلغ طولها حوالي 5 أقدام (1.5 متر) ، هي في المقام الأول لتخزين وتخمير المواد غير القابلة للهضم. كما يطلق عليها “القولون” ، وله أربعة أجزاء: (القولون الصاعد ، القولون المستعرض ، القولون النازل والقولون السيني). “القولون هو المكان الذي يتم فيه امتصاص الماء من العصارة المعوية إلى الجسم وتتكون الفضلات بالأساس من الماء (75 بالمائة) والألياف بالإضافة الى عناصر آخرى ، يتم تخزين الفضلات هنا حتى يتم التخلص منها خلال عملية التغوط” وفقًا لـ “كليفلاند كلينيك”.
أمراض الجهاز الهضمي
يمكن أن تشير العديد من الأعراض إلى مشاكل في الجهاز الهضمي ، بما في ذلك: آلام في البطن ، ووجود الدم في البراز ، والانتفاخ ، والإمساك ، والإسهال ، وحرقة في المعدة ، التبول اللارادي ، والغثيان والقيء وصعوبة في البلع ، وفقاً للمعهد الوطني للصحة.
من بين أكثر الأمراض المعروفة على نطاق واسع في الجهاز الهضمي هو “سرطان القولون”. وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض (CDC) ، مات حوالي (51,783) أمريكياً بسبب سرطان القولون في عام 2011.
بإستثناء سرطان الجلد، فإن سرطان القولون أو المستقيم ، أو كلاهما ، يعتبر ثالث أكثر السرطانات شيوعا بين الرجال والنساء في الولايات المتحدة ، وفقا لجمعية السرطان الأمريكية.
ووفقًا لما يقوله الدكتور “جون ماركس” ، وهو أخصائي أمراض الجهاز الهضمي وعضو مؤسسة (Main Line Health) : “إن نمو الزوائد والخلايا غير المنتظمة ، والتي قد تكون أو لا تكون سرطانية ، هي أكثر الأسباب شيوعاً لسرطانات القولون والمستقيم (يشار إليها أيضاً باسم CRC) ، ويمكن اكتشافها خلال عملية “تنظير القولون”.
وأضاف “ماركس” : “الجيد في الأمر هو أنه إذا تم اكتشاف هذا النوع من الزوائد في وقت مبكر بما فيه الكفاية ، فيمكن إزالتها أيضًا أثناء تنظير القولون – مما يقلل من احتمال زيادة نموها وتحولها الى سرطان.”
بالنسبة لأولئك المرضى الذين انتشر لديهم السرطان بالفعل ، هناك العديد من الخيارات الجراحية ذات التداخل البسيط التي تتميز بنسب شفاء جيدة للغاية. من الموصى به أن يتم فحص المرضى الذين لا تظهر عليهم أعراض والذين ليس لديهم تاريخ عائلي بهذا المرض بشكل منتظم بين سن 45 و 50 ، حسب قول “ماركس” كما ويقول : “الأعراض التي قد توحي بأنك بحاجة إلى تنظير القولون في عمر مبكر تتضمن تغيرات مثل نزف المستقيم ووجود دم في البراز إضافة الى تغيرات ملحوظة تستمر لأكثر من بضعة أيام”
في الوقت الذي يحظى فيه سرطان القولون و المستقيم (CRC) قدراً كبيراً من الاهتمام ، فإن العديد من أمراض ومشاكل الجهاز الهضمي – بما في ذلك متلازمة الأمعاء المتهيجة ، والالتهاب ، و إرتجاع الأحماض (GERD) بالإضافة الى “داء كرون” – يمكن أن تكون مزمنة وصعبة التشخيص والعلاج ، وفقا للدكتور “لاري كوود” ، وهو طبيب أمراض الجهاز الهضمي المنتسب إلى مستشفى (South Nassau Communities). “مع العديد من هذه الأمراض ، فإن عملية تنظير القولون وملاحظة الدم لا تعود بالنفع فكل شيء يبدوا طبيعياً مع وجود هذه الأمراض”.
ترتبط الكثير من أمراض الجهاز الهضمي بالأطعمة التي نأكلها ، ويمكن للعديد من المصابين أن يقللوا من الأعراض عن طريق تقييد نظامهم الغذائي. وقال “لاري” : “بالطبع لا أحد يريد أن يسمع أنه لا يمكنه تناول أطعمة معينة ، ولكن في كثير من الأحيان ، يمكن للتقليل من بعض الأطعمة أن يُحدث فرقاً – مثل الطماطم والبصل والنبيذ الأحمر”.
هناك عدد من الاختبارات للكشف عن أمراض الجهاز الهضمي، تنظير القولون على سبيل المثال هو عملية فحص القولون من الداخل باستخدام أداة عرض طويلة ومرنة من الألياف البصرية تسمى منظار القولون ، وفقا للجمعية الأمريكية لأمراض الجهاز الهضمي. وتشمل إجراءات الاختبار الأخرى تنظير الجهاز الهضمي العلوي ، وعملية (Capsule endoscopy) والتي من خلالها يتم إستخدام كاميرا دقيقة جداً لإلتقاط الصور للقناة الهظمية ، بالإضافة الى عملية تنظير البنكرياس والأقنية الصفراوية بالإضافة الى التنظير بإستخدام الموجات فوق الصوتية.
دراسة الجهاز الهضمي
أمراض الجهاز الهضمي هو فرع من فروع الطب يركز على دراسة وعلاج اضطرابات الجهاز الهضمي. ويسمى الأطباء الممارسون لهذا التخصص بأخصائيي الجهاز الهظمي (gastroenterologists). الاسم هو مزيج من ثلاث كلمات اليونانية القديمة (gastros-المعدة) ، enteron)-الأمعاء) و(logos -السبب).
للحصول على الشهادة كأخصائي في أمراض الجهاز الهضمي ، يجب على الطبيب اجتياز امتحان شهادة الجهاز الهضمي والحصول على تدريب إضافي لمدة 36 شهرًا كحد أدنى.
*حقائق تاريخية
• ترجع المصادر الأساسية للجهاز الهضمي إلى القدماء المصريين. بعض المعالم في دراسة الجهاز الهضمي تشمل:
• عاش “كلاوديوس غالين” (حوالي 130-200) في نهاية العصر اليوناني القديم واستعرض تعاليم “أبقراط” وأطباء يونانيين آخرين. لقد افترض أن المعدة تعمل بشكل مستقل عن أنظمة أخرى في الجسم ، تقريبًا مع دماغ منفصل. كان هذا مقبولا على نطاق واسع حتى القرن السابع عشر.
• في عام 1780 ، أجرى الطبيب الإيطالي “لازارو سبالانزاني” “Lazzaro Spallanzani” تجارب لإثبات تأثير عصارة المعدة على عملية الهضم.
• قام “فيليب بوزيني” ” Philipp Bozzini” بتطوير جهاز (Lichtleiter) في عام 1805 ، وكان هذا الجهاز ، الذي تم استخدامه لفحص المسالك البولية ، المستقيم والبلعوم ، هو أقدم جهاز تنظير.
• قام “أدولف كوسمول” ” Adolf Kussmaul” ، وهو طبيب ألماني ، بتطوير منظار المعدة في عام 1868 ، باستخدام حافظة السيوف للمساعدة في تطوير عملية التشخيص.
• وصف “رودولف شندلر” “Rudolph Schindler”، المعروف لدى البعض بأنه “أب تنظير المعدة” ، العديد من الأمراض التي تنطوي ضمن أمراض الجهاز الهضمي البشري في كتابه المصور الذي صدر خلال الحرب العالمية الأولى. قام هو “وجورج وولف” بتطوير منظار شبه مرن في عام 1932.
• في عام 1970 ، قام “هيرومي شينيا” “Hiromi Shinya” ، الجراح العام المولود في اليابان ، بتقديم أول تقرير عن تنظير القولون لجمعية نيويورك للجراحة ، وفي مايو 1971 قدم تجاربه إلى الجمعية الأمريكية للتنظير المعدي المعوي.
• في عام 2005 ، حصل الأستراليان “باري مارشال” و”روبن وارن” على جائزة نوبل في الفسلجة والطب لاكتشافهما جرثومة المعدة المسماة “Helicobacter pylori” ودورها في مرض تقرح المعدة.