يمكن للالياف الملتوية المصنوعة من الانابيب النانوية الكاربونية المغلفة بالمادة الهلامية ان تكون الشيء الذي نحتاج اليه لسرقة الطاقة من محيطنا والتي يمكن ان تذهب سُدًى.
اظهرت خيوط المادة التي يطلق عليها اسم “تويسترون” (Twistron) بالفعل نتائج مذهلة واعدة في المختبر، لكن يمكن ان توضع هذه المادة يوماً ما في حصادات الطاقة التي تجمع ما يعادل الطاقة الفائضة لاجسامنا، او اثاثنا، او حتى محيط أوسع.
يقول كارتر هينز (Carter Haines) من جامعة تكساس (The University of Texas) في مدينة دالاس (Dallas)، والذي طور فريقه الدولي من الباحثين هذه التقنية: “اسهل طريقة للتفكير في حصادات تويسترون هي انه لديك بعض الخيوط، اجعلها تتمطط، وستكون النتيجة الطاقة”
ان مفهوم انقاذ كميات الطاقة ضئيلة من الحرارة المحيطة، او الموجات الراديوية، او الحركة التي نقوم بها عند شحن اجهزتنا التي بحجم الجيب هو بأي حال من الاحوال امر بديع.
لا عجب بكوننا مهووسين بالفكرة، وهي ان عالمنا مليئ بالموجات الكهرومغناطيسية منخفضة المستوى، والاحتكاك، وتغيرات درجات الحرارة التي يمكن استغلالها واستخدامها لتعديل بعض الالكترونات.
لكن على الرغم من تنوعها، الا ان البحث لا زال قائماً عن مادة يمكن ان تحصد تلك الطاقة، وان تكون قوية، ورخيصة، ومتعددة الاستخدامات، وفعالة قدر الامكان.
قد لا يكون تويسترون هو الحل النهائي، لكنه بالتأكيد يُظهر نتائج واعدة.
ان الآلية المسؤولة عن توليد الكهرباء من الالياف بسيطة بشكل مدهش. ان شبكة من ذرات الكربون ملفوفة داخل انابيب سمكها 10,000 ارق من عرض شعرة الانسان والتي تشكل الالياف الاساسية للخيوط المتكاملة.
تُنسج وتلوى حزم هذه الانابيب النانوية الكربونية الطويلة مع بعضها البعض، مما يجعلها مرنة. تخيل لف مجموعة من الاوتار، والتي يمكن ان تتمدد وترتخي عند توقفها عن الالتفاف.
عند تغليفها بمحلول الكتروليتي، وهو شي بسيط مثل الماء المالح على سبيل المثال، فإن الشكل المتغير للالياف يحرك الانابيب النانوية الكاربونية، وذلك لاعادة ترتيب الشحنات لتوليد جهد كهربائي.
يقول الباحث نا لي (Na Li): ”هذه الخيوط هي المكثفات الفائقة اساساً”
“تستخدم الطاقة، في مكثف اعتيادي، مثل البطارية، لاضافة شحنات الى الى المكثف. لكن في حالتنا، عند ادخال خيوط الانابيب الكاربونية في حمام الكتروليت، ستُشحن الخيوط من الالكتروليت نفسه. لن تكون بحاجة الى بطارية او جهد كهربائي خارجي.”
ان الشحنة الناتجة عن تمدد الخيط مثيرة للاعجاب بالنظر الى انها مجرد طول لسلسلة كاربونية.
اذا امكنك الحصول على كيلوغرام (حوالي 2.2 رطلاً) من المواد لتنتقل بمعدل 30 مرة في الثانية فستولد 250 واط من الكهرباء. وهي اكثر من كافية لتشغيل جهاز كمبيوتر مكتبي وربما سخان صغير.
هناك الكثير من الطرق الاكثر فعالية لتوليد هذا النوع من الشحنات، لكن ربط المادة بشيئ يتحرك بالفعل، مثل الملابس، يمكن ان يوفر سهولة الوصول الى الطاقة في الاماكن التي لا تكون البطاريات او الاشعة الشمسية ملائمة.
يقول لي :”هناك الكثير من الاهتمام باستخدام تقنية تحول النفايات الى طاقة لتشغيل انترنت الاشياء، مثل مصفوفات من اجهزة الاستشعار الموزعة”
وكدليل على المفهوم، خاط الباحثون “twistron” في قميص، ووجدوا ان التنفس الطبيعي كان كافياً لانتاج شحنة.
ولرفعها قليلاً، ربطوا خيط رفيع طوله 10 سنتيمترات ( 4 بوصات) ببالونة وثقالة، وقاسوا تغيير الجهد حيث كان هناك ارتفاع وانخفاض الموجات بمعدل حوالي مرة كل ثانية.
الناتج كان 1.79 ميكروواط من الكهرباء، وهذا ليس سيئاً بالنسبة لمليجرام تقريباً من الالياف التي تتدلى من البالون.
يقول الباحث راي باوغمان (Ray Baughman) :”ان تمكنا من جعل حصادات التويسترون اقل تكلفة، فقد نتمكن من جعلها تحصد كمية هائلة من الطاقة المتاحة من امواج المحيط”.
يمكن للحصادات النانوية الكاربونية، حتى ولو بكميات صغيرة، ان تسحب الطاقة الكافية لمسابير الاستكشاف في المحيط لارسال اشارات الاتصال الى المحطات.
الانتاج ليس بسيطاً او رخيصاً، في الوقت الحالي، مما يعني ان هذه التكنولوجيا لا يزال امامها بضع مراحل قبل ان تنجز وتلبي جميع الاحتياجات.
لكن تكنولوجيا الانابيب النانوية الكاربونية تُبشر بالخير في العديد من المجالات المختلفة، لذا من يدري ؟ ربما ستتمكن يوماً ما في المستقبل غير البعيد من شحن هاتفك الذكي بواسطة تحريك بدلة تويسترون اللامعة الخاصة بك.