من المعروف أن الإناث والذكور في مجموعة واسعة من الحيوانات (بالإضافة الى البشر) يختلفون في طبيعة وقوة الاستجابة المناعية، حيت قامت جامعة “لوند””Lund” في السويد بدراسة جديدة ، نشرت في وقائع الجمعية الملكية للعلوم البيولوجية، عن مكون محدد للاستجابة المناعية التكيفية التي قد تكون مسؤولة عن هذا الاختلاف. وكشف الباحثون عن وجود تباين جيني في الاستجابة المناعية في الحيوانات بين الذكور والإناث، بالإضافة الى وجود تباين في جينات النظام المناعي المركزي حيث إنها تتفاوت بدرجة كبيرة وعالية عند الإناث مقارنةً بالذكور.
وقد فسرت الأبحاث السابقة هذا التباين في الاستجابة المناعية الى وجود اختلافات ملحوظة بين الجنسين ، فتكون نسبة الإستجابة لدى الذكور أقل مقارنةً بالأناث، حيث تقل قدرة جهاز المناعة لدى الذكور على مقاومة مسببات الأمراض، في حين أن الإناث في كثير من الأحيان تملك استجابة مناعية أقوى ، إلا أن هذا ليس مفيدًا دائمًا ، مما يجعلهن أكثر عرضة للأمراض المناعية مقارنةً بالذكور كأمراض (المناعة الذاتية) (Autoimmune Diseases) . وقد ارتبط تعرضهن لمرض المناعة الذاتية بمكونات الاستجابة المناعية مثل المتغيرات الجينية الدقيقة في معقد التوافق النسيجي الكبير (MHC).
ويمثل الأخير محور الاستجابة المناعية التكيفية، حيث يتم ترميز هذه الجزيئات بواسطة مجموعة من الجينات متعددة الأشكال بشكل كبير. وان (MHC) يتفاعل مع الخلايا التائية “T-Cells” لتحفيز المناعة التكيفية ،أما جزيئات (CD4) على الموجودة على الخلايا التائية “T” المساعدة فتتفاعل مع الصنف الثاني من معقد التوافق النسيجي الكبير (MHC-II) لتحفيز المناعة المتخصصة، بينما تتفاعل جزيئات (CD8) على خلايا (cytotoxic T cells) مع الصنف الأول من معقد التوافق النسيجي الكبير MHC-I)) لتحفيز المناعة الخلوية (cellular immunity). لذلك تم بناء فرضية تفيد بأن التنوع الكبير في المتغيرات الجينية لمعقد التوافق النسيجي الكبير MHC)) يكون مفيداً في الواقع . و قد يكون هذا بسبب القدرة على التعرف على مجموعة أوسع من مسببات الأمراض أو بسبب زيادة فرص نقل الجينات المفيدة التي تزيد من مقاومة الأمراض.
وبناءاً على هذا افترضت الدراسة التي أجرتها جامعة لوند “Lund” أن الاختلافات بين الجنسين في قوة الاستجابة المناعية قد ترتبط بمستويات تنوع (MHC)،
باستخدام نماذج من الطيور المغردة المساة بـ (هازجة الغاب أو هازجة القصب الأوربية) بالإضافة الى بيانات من دراسة مدتها 20 عاماً ، حيث قاموا بتحليل تأثير تنوع معقد التوافق النسيجي الكبير (MHC) على عمر تلك الطيور، كما ودرسوا التنوع في الأجيال من خلال التسلسل الجيني للجهاز المناعي لـ (MHC) في الطيور المغردة ، حيث تمكنوا من مقارنة تباين هذه الجينات في الذكور والإناث وكذلك ذريتهم.
وأظهرت النتائج أن التباين في جينات الـ MHC)) في الإناث مرتفع جدا مقارنةً بالذكور.
بالنسبة للذكور فإن وجود نسب عالية من معقد التوافق النسيجي الكبير (MHC) يعود بفائدة كبيرة حيث يحصلون على مناطق أفضل، حيث تمتعوا بمعدلات بقاء أكبر، ولكن بالنسبة للإناث كان لإمتلاكهن MHC)) بنسب عالية غير مناسب إطلاقاً، حيث انتج انخفاض نسب البقاء.
ومع ذلك فإن الذكور بنسب تباينٍ عالية في الـ (MHC) والإناث بنسب تباينٍ واطئة في الـ (MHC) كانوا أكثر نجاحًا في توظيف النسل.
وقال “جيكوب روفيد” “Jacob Roved” المؤلف الأول لهذه الدراسة :”لسوء الحظ فإن هذا النوع من النزاع غير قابل للحل ، حيث ان الإناث تفضل الذكور في الأقاليم الجيدة، ولكن حسب نظام الطبيعة يحصلون على الذكور ذوي الاختلافات الكبيرة في جينات الـ (MHC) الخاصة بهم. وهكذا يرث الأبناء هذا الاختلاف عن والدهم، وأضاف “روفيد”: “انه أمر جيد للأبناء الذكور ولكن سيء للاناث”.
وان الدراسات المستقبلية ستبحث عن مدى انتشار هذه النزاعات ؛ كما ان الفقريات تحتوي على نفس بنية نظام المناعة وكما وتحتوي الإختلافات ذاتها بين الجنسين في الاستجابة المناعية ، وسوف تبحث الدراسات المستقبلية عن كيفية انتشار هذه النزاعات.