عثر الباحثون على اصباغ زهرية اللون في متحجرات يبلغ عمرها حوالي (1.1) مليار سنة لبكتريا زرقاء محفورة في غرب افريقيا.
يمكن ان تخبرنا المتحجرات قليلاً عن الحيوانات والنباتات التي عاشت قبل ملايين السنين، بما في ذلك حجمها وشكلها وحتى عن حياتها العاطفية. لكن هناك شيء واحد لا يمكنها الكشف عنه وهو لون تلك المخلوقات. هل كان لون التيرانوصور (T. rex) مزيج الفيروزي والاخضر، ام بني موحل كما هو واضح في الاعمال الفنية ؟ من الصعب القول بسبب ان الصبغات العضوية التي تنتج اللون تبهت عادةً بمرور الوقت. لكن تبين ان بعض بقايا اللون يمكن ان تدوم، وقال لوك انريكيز كوميز (Luke Henriques-Gomes) في صحيفة ذا جارديانز (The Guardians) ان العلماء اكتشفوا اقدم لون عضوي حتى الان، وهو القليل من اللون الزهري الذي نجا الذي كان موجود في صخور عمرها 1.1 مليار سنة.
تأتي الاصباغ العضوية من رواسب صخرية زيتية التي حفرتها شركة استكشاف الطاقة في حوض تاودني (Taoudeni Basin) في موريتانيا (Mauritania)، غرب افريقيا، قبل حوالي عشر سنوات. كسر الباحثون بعض الصخور، وفقاً لخبر صحفي، لمحاولة استخراج جزيئات من اي كائن حي قديم مدفون بداخلها. كان وجود الصبغات مفاجئ. ادركت الحاصلة على شهادة البكلوريوس في الجامعة الوطنية الاسترالية، نور غونيلي (Nur Gueneli)، انها وجدت شيء مميز بعد خلط المادة المكتشفة بمذيب عضوي. وفقاً لبلايك فودين من صحيفة سيدني مورنينغ هيرالد (Sydney Morning Herald)، توقع الفريق ان يتحول لون الخليط الى الاسود. بدلاً من ذلك تحول المذيب الى اللون الزهري. يقول المؤلف الرئيس في البحث في وقائع الاكاديمية الوطنية للعلوم (Proceedings of the National Academy of Science)، جوشن بروكس (Jochen Brocks) لانريكيز كوميز “اذكر اني سمعت صراخاً في المختبر، حيث جاءت غونيلي تركض الى مكتبي وقالت، انظر الى هذا، وكانت تحمل هذا الشيء الزهري الزاهي .. واتضح انها صبغة حقيقية عمرها 1.1 مليار سنة.”
اوضحت وكالة البي بي سي (BBC) ان الصبغة تأتي من كلوروفيل البكتريا الزرقاء المتحجرة، والمعروفة ايضاً بإسم الطحالب الخضر المزرقة، والتي نجت جزيئاتها الصبغية دهراً في الارض. ستتحول الجزيئات الى اللون الوردي عند مزجها وتعريضها لضوء الشمس، لكن في بنيتها المركزة ستظهر باللون الاحمر او الارجواني. بالنسبة للباحثين الذين ينظرون الى اقدم اثار للحياة على الارض، فإن ايجاد الصبغات العضوية، التي اكبر ب600 مليون سنة من المثال الاقدم السابق، امر يثير الدهشة. “تخيل انه بإمكانك ايجاد متحجرات لبشرة ديناصور مازالت تحتفظ بلون البشرة الطبيعي، اخضر او ازرق .. انه بالضبط نفس نوع الاكتشاف الذي قمنا به.”
ان هذا الاكتشاف يسلط الضوء على احد اكبر الالغاز في تطور الحياة على الارض. على الرغم من كون عمرها حوالي 4.6 مليار سنة، فإن انفجار الحياة المعقدة على الارض لم يحدث حتى قبل 650 مليون سنة. وجد بعض الباحثون دليل بان تراكيز الاوكسجين على الارض، والذي صُنع معظمها من البكتريا الزرقاء، لم تكن عالية بما يكفي لدعم الحياة حتى تلك النقطة، وهو ما يفسر سبب بقاء الحياة خلية واحدة لفترة طويلة. تشير الدراسات الحديثة الاخرى الى وجود ما يكفي من الاوكسجين منذ حوالي مليار سنة قبل ظهور الحياة المعقدة. اذا كان الامر كذلك، فان هناك شيء اخر كان العامل المحدد. يعتقد بروكس ان المحيطات التي تسيطر عليها البكتريا الزرقاء قد تكون السبب. قد تكون العينة المأخوذة من الصحراء دليلاً على ان البكتريا الزرقاء هي الشكل الحي المسيطر على الارض قبل حوالي مليار سنة وسببت اختناق تطوري.
يقول بروكس لفودين :”ان الطحالب، وعلى الرغم من انها لا تزال مجهرية، اكبر 1000 مرة من البكتريا الزرقاء من حيث الحجم، وهي مصدر غذاء غني جداً، لقد بدأت المحيطات الحاوية على البكتريا الزرقاء بالاختفاء منذ حوالي 650 مليون سنة، عندما بدأت الطحالب بالانتشار بسرعة لتوفير الطاقة اللازمة لتطور النظم البيئية المعقدة حيث يمكن للحيوانات الكبيرة، بضمنها البشر، الانتعاش على الارض.”
بعض تلك الحيوانات الكبيرة مثل الديناصورات. ولقد بدأنا بالحصول على بعض الدلائل على الوانهم ايضاً، على الاقل تلك التي تحتوي على ريش. من خلال مقارنة الميلانوسومات، والتركيبات المجهرية التي تعطي لون الريش للطائر الحديث، والميلانوسومات الموجودة في المتحجرات لريش الديناصور التي لدينا، يستطيع الباحثون الان تخمين لون الريش. من يدري، قد يجدون ان بعضها كان بلون زهري زاهي ايضاً.