تُعتبر مقاومة المضادات الحيوية في البكتيريا، والتي تتضمن الكائنات المجهرية الشائعة وما يسمى بالكائنات المجهرية المقاومة للمضادات الحيوية (Superbug)، مشكلة خطيرة ومعروفة عالمياً. وقد رفعت الامم المتحدة، في الواقع، المشكلة الى مستوى الازمة الحرجة قبل سنة من الان، واعلنت منظمة الصحة العالمية (WHO) ان المشكلة تزداد سوءًا وبسرعة.
هناك العديد من الاستجابات الممكنة لمقاومة المضادات الحيوية، وقد توصل الباحثون من جامعة مونتريال (University of Montreal – UdeM) في كندا الى حل محتمل اخر.
بحث فريق الباحثين من قسم الكيمياء الحيوية والطب الجزيئي (UdeM’s Department of Biochemistry and Molecular Medicine)، وفي دراسة نُشرت في مجلة ساينتفك ريبورتس (Scientific Reports) في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2017، طريقة يمكن ان تمنع انتقال الجينات المقاومة للمضادات الحيوية.
ركز الباحثون على منع آلية تسمح بترميز الجينات المقاومة للمضادات الحيوية الى بلازميدات، وهي جزيئات حمض نووي (DNA) يمكنها حمل جينات التي تُشفر البروتينات التي تجعل البكتريا مقاومة للادوية.
وجد الباحثون مواقع الربط الدقيقة لهذه البروتينات،والتي تُعتبر اساسية في نقل البلازميد. وقد سمح لهم هذا بتصميم جزيئات كيميائية اكثر فعالية في تقليل نقل البلازميدات المقاومة للمضادات والحاملة للجينات.
قال نائب عميد البحث والتطوير في كلية الطب في جامعة مونتريال، كريستيان بارون (Christian Baron) في نشر صحفي :”انت تريد ان تكون قادراً على ايجاد ‘نقطة ضعف’ في البروتين، لاستهدافها والقضاء عليها لايقاف عمل البروتين”
“تحتوي البلازميدات الاخرى على بروتينات مشابهة، وبعضها يحتوي انواع مختلفة، لكنني اعتقد ان اهمية الدراسة تكمن في امكانية اختراع طرق لتثبيط وظيفتها من خلال معرفة التركيب الجزيئي لهذه البروتينات.”
ان تأثيرات البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية يسهل فهمها بشكل كبير. تبقى المضادات الحيوية جزءاً في غاية الاهمية من الطب الحديث، وعندما تصبح غير فعالة، فلن يتبقى لنا سوى بكتريا قوية مُسببة للامراض يصعب علاجها والسيطرة عليها.
تستخدم المضادات الحيوية كعلاجات وقائية اثناء العمليات الجراحية وفي علاجات السرطان.
يمكن للبكتريا المقاومة للادوية، ووفقاً لتقرير صدر عن لجنة خاصة انشئت في المملكة المتحدة سنة (2014) بعنوان مراجعة مقاومة مضادات الميكروبات (the Review on Antimicrobial Resistance)، القضاء على حياة حوالي 10 ملايين شخص بحلول سنة 2050.
ليس صعباً تخيل ذلك خصوصاً ان البكتريا المقاومة للمضادات تصيب مليوني شخص في الولايات المتحدة كل عام، حسب مراكز السيطرة على الامراض والوقاية (the Centers for Diseases Control and prevention – CDC)، و ما لا يقل عن 23,000 حالة مميتة.
تُفيد منظمة الصحة العالمية، بالاضافة الى ذلك، ان هناك حوالي 480,000 من حالات التدرن الرئوي المقاوم للعديد من الادوية حول العالم كل سنة.
الخلاصة هي اننا بحاجة لحل مشكلة مقاومة المضادات الحيوية باسرع وقت ممكن وبدءاً من الان. لحسن الحظ هناك العديد من المجاميع التي تعمل على هذه المسألة وبأساليب متنوعة.
استخدم البعض تقنية كريسبر (CRISPR) للتعديل الجيني لتصميم روبوتات نانوية اصطناعية تستهدف البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية بالتحديد، وهناك جهود اخرى لاستخدام الانزيمات الفائقة (Super enzymes) لمقاومة البكتريا القوية.
يركز اخرون في الوقت نفسه مثل باحثون جامعة مونتريال على فهم افضل لكيفية عمل البكتريا لتطوير طرق تجعلها اكثر عرضة للمضادات الحيوية.
استثمرت مراكز السيطرة على الامراض والوقاية اكثر من 14 مليون دولار امريكي لتمويل بحوث مقاومة المضادات الحيوية، وقد نتمكن قريباً من رؤية ثمار هذه الجهود. سيستغرق الامر وقتاً، لكن يمكن ان يضفي هذا سرعة على انتاج الادوية الجديدة.
وقال بارون: “يجب ان يتحلى الناس بالأمل. سيوفر العلم افكاراً وحلولاً جديدة لهذه المشكلة. هناك حشد كبير من التساؤلات يجري الان في العالم بشأن هذه المسألة. لن اقول انني اشعر بالامان، لكن من الواضح اننا نحرز تقدماً”.