اذا ما سألت رجلاً كبيرًا عن اكثر الذكريات التي تركت لديه وقعًا قويًا فأن الاحتمال الاوفر حظًا لإجابته ان اكثر هذه الذكريات بالفترة العمرية بين الخامسة عشر والثلاثين عامًا فهذه الفترة العمرية هي التي تشهد في العادة ستة من أصل عشرة احداث مهمة ومؤثرة في تأريخنا الشخصي وذلك وفقًا لدراسة أُجريت عام ٢٠٠٤ ومن هذه الاحداث: بداية الدراسة – الالتحاق بالكلية او الجامعة – الحصول على اول وظيفة – مذاق الحب الاول – الزواج – انجاب الاطفال ويطلق علماء النفس على هذه الظاهرة اسم (الذكريات الصادمة) وهو ما يفسر لماذا تبقى ذكريات سنواتنا الاولى راسخة لا تُنسى بالمقارنة مع ذكريات الحياة بعد الثلاثين.
تقول كلوديا هاموند (Claudia Hammond) في كتابها طي الزمن (Time Warped) ان مفتاح الذكريات الصادمة هو اصالتها وقوة ثباتها بالنفس فالسبب وراء تذكرنا دومًا لشبابنا هو انه زمان الحدث الاول بكل شيء والمرة الاولى التي نملك فيها خيارات حقيقية للطريقة التي تمضي بها حياتنا: اول وظيفة – اول سفر دون الوالدين – اول تجربة للعيش باستقلالية بعيدًا عن المنزل – اول حب يطرق ابواب قلوبنا. هذه الحلقات من الاحداث الاصيلة تعمل على مد ادراكنا للوقت وحينما تتلاشى هذه الاحداث فإن حياتنا تبدو انها تسير بوتيرة متسارعة وفقًا لتساؤل تشيب (Chip) ودان هيث (Dan Heath) مؤلفي كتاب قوة اللحظات: لماذا نملك تجارب تشكل في حياتنا تأثيرًا غير إعتيادي (The Power of Moments: Why Certain Experiences Have Extraordinary Impact).
قد يكون من المحبط اننا قد مضى بنا قطار العمر تاركًا خلفه احلي ذكريات العمر الا انه ليس من العسير بمكان ان نخلق ذكريات جديدة صادمة في وقت لاحق من الحياة فمثلاً الطلاق من شريك العمر -ترك العمل – السفر الي دولة اخرى انها لحظات اصيلة جديدة نستطيع خلقها ويتولد عنها ذكريات جديدة غير انه لابد والا نخلط بين الذكريات والحكمة اي لابد وان نرصع حياتنا في الكبر بذكريات جديدة تصنع في تأريخنا الشخصي تنوعًا مطلوباً وهذا التنوع هو توابل الحياة.