رجل يعاني من إصابة كاملة في الحبل الشوكي، والذي قد فقد الوظيفة الحركية تحت مستوى الإصابة، إستعاد القدرة على تحريك ساقيه بشكل ارادي والوقوف بعد ستة سنوات من الإصابة.
وفقًا لدراسة تم نشرها في 26 أوكتوبر في مجلة التقارير العلمية (Scientific Reports) وصفت تعافي الوظيفة الحركية للمشارك في البحث الذي تلقى مسبقًا التدريب طويل الأمد القائم على العلاج الوظيفي (long-term activity-based training) مع تحفيز فوق الجافية للحبل الشوكي (spinal cord epidural stimulation). في المقالة، مؤلفة البحث الدكتورة سوزان هاركيما (Susan Harkema) – الاستاذة والمديرة المساعدة في مركز كنتاكي لأبحاث إصابة الحبل الشوكي (Kentucky Spinal Cord Research Center) التابع لجامعة لويفيل (University of Luisville) – أفادت وزملائها بأنه على مدى 34 شهرًا ونصف بعد التدريب الأصلي استعاد المشارك السيطرة على الحركة الارادية للأطراف السفلى معتمدًا على نفسه والقابلية على الوقوف دون استخدام تحفيز فوق الجافية للحبل الشوكي.
وقالت د.هاركيما: “اللدونة القائمة على العلاج الوظيفي (activity-based plasticity) بإمكانها إعادة تأسيس السيطرة الارادية على الحركة والوقوف بعد الشلل التام لدى الانسان ولو بعد سنوات من الإصابة”.
ومما يجدر الإشارة اليه بأن ما يسمى بـ(اللدونة القائمة على العلاج الوظيفي – activity-based plasticity) هو أحد أنواع اللدونة العصبية (neuroplasticity) القائمة على تدريب الدماغ لإعادة تشكيل ذاته بذاته على العكس مما كان ساريًا في النصف الأول من القرن الماضي بأن تطور الدماغ ينتهي كليًا بعد مضي فترة من العمر تسمى الفترة الحرجة (critical period).
وأضافت الدكتورة هاركيما: “سيفتح هذا فرصًا جديدة لأعادة الـتأهيل القائم على التعافي (recovery-based rehabilitation) كعامل للتعافي، ليس فقط تعلم كيفية العمل بالاستراتيجيات التعويضية (compensatory strategies ) بل حتى أولئك الذين يعانون أخطر الإصابات”. والاستراتيجيات التعويضية (compensatory strategies)- التي ذكرتها الدكتورة – هي مجموعة التعديلات السلوكية والبيئية المحيطة المتخذة بعد الإصابة بضعف دائم مدى الحياة لأحد وضائف الجسم كالذاكرة والحركة والبصر….والخ. فعلى سبيل المثال لو أن شخصًا ما وُلِد مصاباً بعدم القابلية على النطق (aphasia) أو أصيب بمرض افقده القابلية على ذلك، يتم تعليمه لغة الإشارة (sign language) كإجراء تعويضي للنطق. وعلى هذا المثال، فالدكتورة تطمح لأيجاد حل جذري لهذه الإصابة وتمكين المريض من التعافي والنطق من جديد باستخدام التدريب القائم على العلاج الوظيفي (activity- based training) مع مساعدة تحفيز فوق الجافية.
وإستنادًا الى بحث سابق في مركز كنتاكي لأبحاث إصابة الحبل الشوكي شمل أربعة مشاركين يعانون سريريًا من إصابة حركية تامة ومزمنة في الحبل الشوكي، وجد البحث ان التدريب القائم على العلاج الوظيفي (activity-based training) مع استخدام تحفيز فوق الجافية للحبل الشوكي سمح للمشاركين بالوقوف والقيام بالحركات الارادية الخفيفة نسبيًا للأطراف السفلى. آندرو ميز (Andrew Meas) كان احد المشاركين الأربعة في تلك الدراسة والذي تتمحور الدراسة الحديثة حول حالته.
برنامج التدريب الأصلي (في الدراسة السابقة) شمل جلسات لمدة ساعة واحدة من التدريب القائم على العلاج الوظيفي (activity- based training) يوميًا بمساعدة تحفيز فوق الجافية للحبل الشوكي (spinal cord epidural stimulation). خلال تلك الجلسات تدرب المشاركون – ومن بينهم اندرو ميز – على نشاط الوقوف استمر لعدة أشهر متبوعًا بعدة اشهر أخرى من التدريب على المشي.
بعد اكمال تسعة أشهر من برنامج التدريب في المختبر، استمر ميز بالتدريب على الوقوف القائم على العلاج الوظيفي (activity- based training) في البيت. وبعد سنة من التدريب المستقل، عاد الى المختبر للتدريب لمدة ثلاث أشهر وفق جدول منقح للتدريب القائم على العلاج الوظيفي (activity- based training) وخضع خلالها لدراسة بحثية جديدة. الجدول المنقح إقتضى جلستين تدريبيتين لمدة ساعة واحدة لكل منهما يوميًا وشملتا الوقوف والمشي كل يوم. جميعها كانت بمساعدة تحفيز فوق الجافية للحبل الشوكي.
بعد ذلك التدريب كان ميز قادرًا على مد ركبتيه بشكل إرادي وثني الورك شهد تحسنًا أيضًا. بالإضافة لذلك، فقد بات يستخدم جسمه العلوي وحدًا ادنى من المساعدة الإضافية للوصول الى وضع الوقوف وكان قادرًا على البقاء واقفًا بدون مساعدة حتى وعلى رجل واحدة دون إستخدام تحفيز الجافية للحبل الشوكي.
وقال أحد الباحثين في الدراسة الجديدة ومؤلف الدراسة السابقة، الدكتور انريكو رجك (Enrico Rejc) وهو أستاذ مساعد في جامعة لويفيل قسم الجراحة العصبية: “الجهاز العصبي للإنسان بامكانه التعافي من الإصابة الخطرة للحبل الشوكي حتى بعد سنوات من الإصابة” وتحدث عن قضية المريض المشارك آندرو ميز قائلاً “ففي هذه القضية، تم رزع المحفز له لأربعة سنوات من إصابته ورأينا التعافي الحركي بعد سنتين – لذا فستة سنوات بعد الإصابة” وأضاف أيضًا: “من الشائع تصور أنه بعد سنة من إصابتك، يتم تصنيفك كحالة مزمنة ومن المرجح بأنك لن تتحسن على الاطلاق، هذه البيانات هي برهان على أن الجهاز العصبي للإنسان يمتلك قابليات على التعافي اكثر بكثير مما كان متوقعًا”.