نحن لا نستطيع تغيير انسياب الزمن لكن طبقا للفيزياء نستطيع ان نحنيه

لقد حلم معظمنا بالسفر عبر الزمن سواء السفر للماضي او الى المستقبل اسرع من الناس المحيطين بنا. من المثير للدهشة أن الأبحاث الأخيرة اظهرت لنا بأن السفر عبر الزمن اكبر بكثير من مجرد حلم. في الحقيقة عدد من الباحثين حققوا ولازالوا يحققون في مشروعية السفر عبر الزمن مع انهم لم يتوصلوا بالفعل لأمكانية السفر بأنفسهم الا انهم عثروا على بعض الاسس العلمية الممكنة التي تدعم ذلك.
في شهر حزيران الماضي قابلت جيمس بيكام (James Beacham) اختصاصي في فيزياء الجزيئات في المنظمة الاوربية للابحاث النووية (CERN) في مهرجان Brain Bar Budapest الذي ركز على المستقبل وللحديث عن كيف تمكن موضوع السفر عبر الزمن من اثارة عقول البشر ولمناقشة الإمكانيات من الناحية المنطقية والتقنية للسفر خلال الزمن.
بدأ بيكهام حديثه بأيجاز اساليب السفر عبر الزمن حسب نظريات انشتاين التي تجعله ممكنًا من الناحية العملية ومن خلال عدة طرق.
“اذا كان الفضاء قابل للانحناء إذًا الزمكان يمكن ان ينحني أيضًا”
احد الطرق المقترحة للسفر عبر الزمن هي الثقوب الدودية (wormholes). يقول بيكام: “نحن نعرف ان الفضاء يمكن ان ينحني ولنقل انه يمكن ان ينحني بتأثير الجاذبية هذا يعني ان الزمكان يمكن ان ينحني ايضًا.”
للتوضيح الفضاء هو الجسم الثلاثي الابعاد الذي تتحرك فيه كل الاشياء في الكون. الزمكان هو المفهوم المشترك للزمان والمكان في وسط رباعي الابعاد.
من المحتمل انك شاهدت الزمكان مصور على شكل نسيج تتلاعب به الطاقة، ويواصل بيكام القول: “من الناحية النظرية يمكن ان يحدث انحناء في الزمن”
جعل السفر بالزمن حقيقة
ان مفهوم انحناء الزمكان انبثق من نظرية اينشتاين النسبية والتي قدمت فكرة ان الثقوب الدودية نظريًا ممكن ان تعمل كجسر بين نقطتين تكون بخلاف ذلك بعيدتين جدًا وذلك بسبب مرونة الزمكان.
ان الثقب الدودي يمكن ان يربط نقطتين مختلفتين في نسيجه، وظهر مؤخرًا دليل اكثر دقة على هذه النظرية
منذ عدة سنوات صنع بعض العلماء ما اطلقوا عليه (ثقب دودي wormhole) خلق هذا النموذج بوابة لحقول مغناطيسية كما اوجزت مؤسسة سميثسونيان (Smithsonian): “اذا سافر حقل مغناطيسي آخر خلال الثقب الدودي يظهر انه يغادر الفضاء معًا ويظهر فقط على احد النهايات”
لذلك على نحو صحيح هو لا ينقل جزيئات (او اشخاص) عبر الزمكان لكنه يسلط الضوء على التقدم المتواصل الذي يحرز في قدرتنا على التلاعب بالقوى الاساسية المتعددة في كوننا، وجوهريًا فأن التلاعب بهذه القوة هو خطوة مهمة بإتجاه خلق ثقب دودي مبسط يسمح لنا بإرسال موجات كهرومغناطيسية خلال نفق غير مرئي
ربما في يوم ما سنكون قادرين على التلاعب بالزمكان بنفس الطريقة.
لذلك بينما تبقى الثقوب الدودية ممكنة نظريًا ويتم عمل خطوات مهمة في هذا المجال، يومًا ما ستكون الثقوب الدودية في الزمكان على وجه التحديد يمكن ملاحظتها او صنعها.
طريقة اخرى ممكنة للسفر عبر الزمن هي (تباطئ الزمن Time dilation) حيث تنبأت نظريات انيشتاين بأن الزمن يمر بصورة مختلفة عبر الكون. نحن نعرف الآن بأن ذلك صحيح (مثلاً الساعات تتحرك بصورة ابطأ في محطة الفضاء الدولية ISS مما هي عليه في الارض) هذا يحدث لان الوقت يسير بصوره ابطأ للاجسام التي تكون بقرب حقول جاذبية عالية (مثل الارض) مما هو عليه للاجسام التي تكون ابعد عن هذه الحقول مثل محطة الفضاء ISS.
لذلك عند قضائك وقت خارج سطح الارض وعودتك لاحقًا ستحس بإندفاع سريع خلال الزمن واذا امكنك ان تقترب من ثقب اسود فأن الزمن سيتباطأ لدرجه مذهلة لان هنالك قوى جاذبية هائلة في الجوار، ربما تمر آلاف السنين على الارض بينما تكون مجرد بضع ثواني قرب ثقب اسود عملاق. تباطؤ الزمن يلعب دورًا ايضًا اذا اخذنا السرعة بنظر الاعتبار، لنقل اننا استطعنا السفر بنسبة 95% من سرعة الضوء فأن ذلك سيقوم بإبطاء رهيب للزمن لذلك مرة ثانية ستمر آلاف السنين على الأرض بينما يشعر بها المسافر على انها لحظات قليلة
وهذه هي البداية فقط بما ان هنالك عدد من الطرق المختلفة التي يمكن بها ان نجعل السفر عبر الزمن حقيقة
يقوم علماء من مختلف الاقسام بدراسة طرق مختلفة لتمكننا من القيام بالمزيد من القفزات الكبيرة خلال الزمن مثل استخدام قضبان الضوء المستديرة (circulating light beams) والتي يمكن صنعها من خلال استخدام اشعة كاما والحقول المغناطيسية وذلك لحرف الفضاء وجعل الزمن قابل للانحراف.
هناك طرق اخرى تتضمن الانفاق الكمية (quantum tunneling) والاوتار الكونية الافتراضية (hypothetical cosmic strings) بالطبع كون شيء ما ممكن نظريًا لا يعني بالضرورة امكانية تطبيقه من الناحية العملية على الاقل ليس في الوقت الحاضر حيث لايمكننا صنع الثقوب الدودية ولا يمكننا السفر بسرعة قريبة للضوء لكن هنالك امل بأن نستطيع تحقيق هذه الاشياء في المستقبل القريب.
يقول بيكام: “يمكننا بالتأكيد التحدث بثقة عن اشياء بخصوص السفر بالزمن وان نفهم الطبيعة الاساسية للزمن بالابحاث التي نجريها الآن او على الاقل خلال الـ 50 او الـ 100 سنة القادمة.”
يجب ان نعترف بأن امكانية التنقل للوراء او للامام خلال الزمن هي مناقضة لقوانين الفيزياء مع ذلك هذا لا يعني ان نكف عن المحاولة كما كتب ستيفن هوكنج في سيرته الذاتية “حتى لو تبين ان السفر عبر الزمن مستحيل من المهم ان نفهم لماذا هو مستحيل.”