في المرة القادمة التي تجلس فيها بجانب شخص يتثائب، جرّب ألّا تتثائب، ربما ستشعر أنَّ من الصعوبة فعل ذلك.
وجدت دراسة إنجليزية أنَّ سبب الصعوبة في منع التثاؤب، خصوصاً عندما يفعلها شخص قريب منك، يرجع إلى المنطقة من الدماغ المسؤولة عن وظيفة الحركة.
يشير العلماء إلى حالة الرغبة في التثاؤب عند رؤية شخص آخر يفعلها أيضاً بـ( التثاؤب المعدي) (contagious yawning)، وهي نوع من أنواع ظاهرة الصدى (echophenomenon)، بمعنى آخر، هي تقليد تلقائي لشخصٍ آخر. وفقاً للدراسة التي نُشرَت في يوم 31 أغسطس في مجلة علم الأحياء المعاصر (journal current biology)، إنَّ هنالك أنواع أخرى لظاهرة الصدى (echophenomena) منها (echolalia) (تقليد كلمات شخص آخر)، ومنها أيضاً ما يسمى (echopraxia) (تقليد أفعال شخص آخر).
يقول العلماء أنَّ التثاؤب المعدي ليس مقتصراً على الإنسان، بل حتى حيوانات أخرى كالكلب والشمبانزي أيضاً سريعة التأثر بهذه الظاهرة. لكن السبب في إنتشار التثاؤب من شخصٍ لآخر ومن حيوانٍ لآخر غير معروف.
لمعرفة ماذا يحصل في الدماغ عندما يلاحظ شخصٌ معين شخصاً آخر يتثائب، إستخدم الباحثون 36 بالغاً، طُلب من هؤلاء البالغون أن يشاهدوا مقطع مصوّر لأشخاص آخرين يتثائبون، وقد إستخدم هؤلاء الباحثون جهاز التحفيز الدماغي (transcranial magnetic stimulation TMS) مع المشاركين وقاموا بقياس نشاط ادمغتهم خلال التجربة.
في أحدى التجارب، قام الباحثون بتخيير المشاركين بين أمّا أن يقاوموا التثاؤب بينما يشاهدون المقطع المصوّر، أو أن يتثائبوا. بعدها طُلِبَ منهم أن يفعلوا العكس. في تجربة أخرى، أُعطي المشاركون نفس التعليمات، لكن في هذه المرة أوصل الباحثون تيارات كهربائية إلى جماجم المشاركين لغرض تحفيز القشرة الحركية (motor cortex)، والذي يُعتقد أنّها تتحكم بالتثاؤب، وقد طُلِب من المشاركين خلال التجارب أن يُقدِّروا مدى التحفيز للتثاؤب الذي يشعرون به على مقياس متدرج.
وجد الباحثون أن المشاركين لم ينجحوا إلَا جزئياً في مقاومة التثاؤب، وقد قلّ عدد المتثائبين، بينما قد زاد عدد الذين قاوموا وفقاً للدراسة. وعندما طُلِب من المشاركين أن يقاوموا التثاؤب، إزداد مقدار التحفيز.
بمعنى آخر، “التحفيز للتثاؤب يزداد كلما حاولت كبح نفسك عن فعله” حسبما تقول جورجينا جاكسون (Georgina Jackson) المؤلفة الرئيسة للدراسة وبروفيسورة علم النفس العصبي الإدراكي في جامعة نوتنجهام في انكلترا.
وقد وجد الباحثون أن الميل لملاحظة حالة تثاؤب ترتبط بمستويات النشاط الدماغي في القشرة الحركية للشخص (motor cortex)، وكلما زاد مستوى النشاط في هذه المنطقة كلما زاد ميل الشخص للتثاؤب. فعندما عرّض الباحثون هذه المنطقة من رؤوس المشاركين لتيار كهربائي، زاد مقدار التحفيز للتثاؤب.
وقد ذكر الباحثون في الدراسة أنَّ بعض الإضطرابات العصبية قد تتداخل مع نتائج الدراسة مثل متلازمة تورت (tourette syndrome) والتي تجعل من الصعب على الشخص مقاومة أفعال معينة.
كما قال ستيفن جاكسون (Stephen Jackson) المؤلف المساعد للدراسة وبروفيسور العلوم العصبية الإدراكية أنَّ “لو كان بالإمكان فهم كيف تقوم التغييرات في استثارة القشرة بزيادة الإضطرابات العصبية، فإننا يمكن أن نعكس هذه التغييرات.”