أكد العلم وللمرة الاولى، ان جسيمات النانو الناتجة عن الوشم الذي يُرسم على الجسد ينتهي بها المطاف في العقد اللمفاوية.
لقد استخدم البشر فن رسم الوشوم بالحبر التي تبقى بشكلٍ دائمٍ لمدة زمنية لا تقل عن 5,000 سنة، ولكننا لا نزال نجهل ان كانت تسبب اي تأثيرات، وان وجدت، على الاجساد البشرية.
وجد العلماء الآن، وللمرة الاولى، ادلةً حول امكانية انتقال اصباغ واحبار الوشوم الى جميع انحاء الجسم بشكل جسيمات نانوية.
تُعتبَر طريقة رسم الوشوم رائعة جداً، وفيها يتم وضع الحبر بواسطة ابرة على كل من طبقتي الادمة والبشرة، حيث يكون الجهاز المناعي قوي جداً، وبهذا سيبقى الحبر مرسومًا بشكلٍ دائمي.
وعند ازالة هذه الوشوم، يتم استخدام الليزر، والذي بدوره يقوم بتكسير هذه الجسيمات الى اجزاءٍ صغيرةٍ للغاية ليتخلص منها جسدك.
يقوم الجهاز المناعي بالتخلص من كمية صغيرة جداً من الحبر، في الوقت الذي يكون موجودًا على الجسد. ووفقاً للباحثين في جهاز السنكروترون الاوروبي (The European Synchrotron)، فإن ذلك قد يُعد مشكلةً، لأننا نجهل ما يمكن ان يؤثر به ذلك على اجسادنا.
قال الباحث هيرام كاستيلو (Hiram Castillo): “عندما يود شخصاً ما الحصول على وشم، فأنه غالباً ما سيكون حذراً للغاية في اختيار مكان يستخدمون فيه الابر الجديدة المعقمة غير المستعملة”.
واضاف: “لا احد يقوم بفحص التركيب الكيميائي للألوان المستخدمة في عمل الوشوم، ولكن دراستنا تبين انه ينبغي فعل ذلك”.
التركيب الكيميائي لأصباغ الوشوم يمكن ان يكون له تأثير غير معروف على الجسم. وعلى سبيل المثال، يمكن ان يحتوي على شوائب. وتحتوي هذه الاصباغ على موادٍ حافظة وملوثات مثل عناصر الكوبالت، والكروم، والمنغنيز، والنيكل. وتعتبر الحساسية والاعراض الاخرى التي تنتج عن أحبار الوشوم ضمن اطار المألوف.
أحد المكونات الشائعة جدًا المستخدمة هو ثاني اوكسيد التيتانيوم، ويستخدم للحبر الابيض. ويستخدم ايضاً في تخفيف الاصباغ الملونة الاخرى. وتتبع الباحثون هذه الجسيمات النانوية الناتجة عن الوشوم في الجسم بإستخدام الاشعة السينية المجهرية وحزم الاشعاع السينية باستخدام جهاز النانوبروب.
وقال أحد الباحثين من فريق البحث، بيرنهارد هيس (Bernhard Hesse): “كنا نعلم مسبقاً ان اصباغ الوشوم تنتقل الى العقد اللمفاوية استناداً الى الادلة البصرية، حيث ان هذه العقد تتلون مع لون الوشم، وتعد هذه استجابةً من الجسم لتنظيف موقع الوشم”.
وأضاف: “ما كنا نجهله هو انها تفعل ذلك بأشكالٍ نانوية، مما يعني انها لا تسلك نفس سلوك الجسيمات على مستوى الجزيئات المجهرية. والمشكلة هي اننا لا نعرف توجهات هذه الجسيمات النانوية”.
وتتبع فريق البحث الجسيمات المجهرية والنانوية التي في الجلد والعقد اللمفاوية. وقد وجدوا ان الجسيمات المجهرية بقيت في الجلد، وفقط الجسيمات النانوية تمكنت من شق طريقها الى العقد اللمفاوية، من كلا الاصباغ العضوية وثاني اوكسيد التيتانيوم.
واستخدم الفريق تقنية تنظير الطيف بالاشعة تحت الحمراء لتحديد التغيرات الهيكلية التي حدثت على الانسجة المحيطة بهذه الجسيمات.
مع ذلك، فإنه ليس جميع انواع الوشوم مضرة. فقد اظهرت الابحاث السابقة ان الحصول على وشوم متعددة يقوي جهازك المناعي عن طريق جعله يعمل بشكلٍ اكبر، اي تخيل انك تأخذ جهازك المناعي الى صالة التمارين الرياضية.
ويُظهر البحث انه ليس هنالك تأثيرات للوشوم وحسب، وانما في مواد اخرى ايضاً مثل مستحضرات التجميل والكريمات الواقية من الشمس، فهي تحتوي ايضاً على ثاني اوكسيد التيتانيوم.
وكتب الباحثون في تقريرهم: “سنبحث في التجارب المستقبلية عن تأثيرات الاصباغ والمعادن الثقيلة على الاعضاء والانسجة الداخلية الاخرى، لغرض تتبع اي انتقالٍ لمكونات أحبار الوشوم في انحاء الجسم”.
“نتائج هذه الابحاث لن تكون مفيدةً في تقييم المخاطر الصحية المرتبطة بالوشوم وحسب، ولكن في الحكم على التعرضات الاخرى ايضاً، مثل دخول جزيئات ثاني اوكسيد التيتانيوم الموجودة في مستحضرات التجميل الى مناطق الجلد المتضررة”.