– من هو إيفان بتروفيتش بافلوف؟
بافلوف : عالم طبيعي روسي، حاصل على جائزة نوبل في عام (1904)، وهو مؤسس الدراسات التجريبيّة للنشاط العصبي الأعلى عند الحيوانات والإنسان، مستخدماً منهج “الانعكاسات الشرطية”، وقد تمكّن من خلال هذا المنهج من إكتشاف القوانين والآليات الأساسية لنشاط الدماغ.
– ما هدف تجاربه؟
قام بافلوف بتجاربه على الكلاب، وكانت الغاية من ذلك هي دراسة كيفيّة تحكُّم الجهاز العصبي بوظيفة الهضم، وكذلك دراسة علاقة العوامل النفسية في إفراز للعصارة المعدية، وحساسية مخاطية المعدة للمنبهات الكيميائية المختلفة، كما استطاع من خلال تجاربه التوّصل للعلاقة بين المثير (المحفز) والاستجابة، وذلك من خلال نظرية “الاشراط الكلاسيكي”.
– إذن، دعونا في البداية نوّضح بعض المفاهيم:
1- ماهي نظرية “الاشراط الكلاسيكي”؟
تعدّ هذه النظرية أحد المناهج المهمة في الفلسفة السلوكية، ودراسات علم النفس المرتبطة بالبحث في العلاقة بين المحفّز وردّ الفعل الناتج، إذ تقوم على الدمج بين محفز شرطي ومحفز غير شرطي، فيؤدي ذلك بتوافر شروط محددة إلى تمكّن المحفز الشرطي من إحداث رد الفعل غير الشرطي (أي: الإستجابة التي يحدثها المحفز غير الشرطي).
2- ماهي الانعكاسات الشرطية، والإنعكاسات غير الشرطية؟
حسب بافلوف، فإنّ:
– الغريزة : هي سلسلة من الأفعال المنعكسة غير الشرطية.
– أما الانعكاسات الشرطية: فهي ردود أفعال تحدث استجابةً لتنبيه أعضاء الاستقبال، وتُكتسب خلال حياة الكائن العضوي.
– والآن، لنتحدث عن تجربة بافلوف على الكلاب:
بدأ بافلوف تجربته بدراسة ما يدفع الكلاب لإفراز اللعاب، وذلك من خلال توفير محفّز محايد (شرطي : كصوت جرس يُقرع)، يصاحب عملية تقديم الطعام التي تعد محفز غير محايد (غير شرطي)، حيث قام بقرع الجرس في كل مرة يتمّ فيها تقديم الطعام للكلاب، وبتكرار التجربة، أصبحت الكلاب تربط تلقائياً بين صوت الجرس وعملية تقديم الطعام، وهذا أمر تعلمته الكلاب من خلال التجربة أي أنه مكتسب، ولأن صوت الجرس أصبح مقترناً بتلقّي الطعام عند الكلاب، أصبحت الكلاب تفرز اللعاب بمجرد سماع صوت الجرس، وبهذا نستنتج أن المحفز الشرطي (صوت الجرس) أدى إلى استجابة غير مشروطة (إفراز اللعاب).
ومن المهم أن نوضّح أن : الاستجابة الطبيعية غير مشروطة، بينما الاستجابة التي تكون ناتجة عن سلوك مكتسب فهي مشروطة.
– العلاقة بين تجارب بافلوف، وعلم النفس:
تعدّ نظريات بافلوف والدراسات والتجارب التي قام بها، هي الأساس العلمي الطبيعي والتجريبي لعلم النفس المادي، بالإضافة للنظرية المادية الجدلية في الانعكاس (وهي الترابط بين اللغة والتفكير – وبين الانعكاس الحسي والمعرفة المنطقية)، كما أن روّاد المدرسة السلوكية اعتمدوا على نظريات بافلوف واستخدموا مصطلحاته وتصنيفاته التي وضعها لأشكال السلوك، والجدير بالذكر أنه تمّ تطبيق هذه النظريات لعلاج بعض الاضطرابات النفسية كالرهاب.
– السير على نهج بافلوف، واطسون وتجربته الغير رحيمة:
يعدّ جورج واطسون مؤسِّساً للمدرسة السلوكية ورائداً لهذا الاتجاه في الولايات المتحدة الأمريكية، والسلوكية: هي اتجاه في علم النفس المعاصر يهدف إلى دراسة سلوك وتصرفات الإنسان بوصفه مجموعة من المنعكسات الشرطية وغير الشرطية، وتعتبر ردود أفعال الكائن العضوي هي أصل الظواهر النفسية، وقد اعتمد السلوكيون على تجارب بافلوف ونظرياته.
– فما هي تجربة واطسون ؟ ولماذا توصف بأنها غير رحيمة؟
أجرى واطسون تجربته على طفل رضيع لم يتجاوز عمره بضعة أشهر، ففي بداية التجربة سُمِحَ للطفل باللعب مع فأر صغير أبيض اللون، وفي أثناء هذا لم يُظهِر الطفل أي علامة تدل على أنه خائف، وفي المرحلة الثانية من التجربة، قام واطسون بإصدار أصوات مخيفة وعالية في الوقت ذاته الذي سمح فيه للطفل أن يلعب مع الفأر، فكانت ردّة فعل الطفل أنه بدأ بالبكاء تعبيراً عن خوفه، وبتكرار هذه التجربة، اقترن الصوت المخيف مع أي شيء لونه أبيض وذي فرو في عقل وذاكرة الطفل الرضيع.
ولهذا وصفت التجربة بأنها غير رحيمة، أي بسبب تنفيذها على طفل صغير وإصابته بالذعر وزرع الخوف في نفسه من أي شيء ذي فرو ولون أبيض، وسيلازمه هذا الخوف (الرهاب) طيلة حياته، لأن واطسون لم يكلّف نفسه عناء معالجة الطفل وانتزاع هذا الخوف منه.
– معلومة أخيرة: من أهم مؤلفات بافلوف: (عشرون عاماً من الدراسة الموضوعية للنشاط العصبي الأعلى عند الحيوانات) والذي تم إصداره في عام 1923.
إعداد : الحنين جبران