حدوث ظاهرة الكسوف الشمسي في تاريخ 21 آب/اغسطس كان له تأثيرٌ غريبٌ على الطبيعة، مثل اغلاق الازهار لأوراقها التويجية وقيام مئات الالاف من اسماك السلمون بالسباحة نحو الشاطئ، جاء هذا وفقاً لمراقبة العلماء لهذه التأثيرات.
قالت ريبيكا جونسون (Rebecca Johnson)، مديرة البحوث العلمية في اكاديمية كاليفورنيا للعلوم (California Academy of Science) في سان فرانسيسكو : “العديد من المشاريع الاختبارية كان الهدف منها تسجيل ردود افعال الحيوانات تجاه ظاهرة الكسوف، وشمل هذا ايضاً استخدام تطبيق الهاتف iNaturalist، الذي حث الناس على توثيق الاحداث خلال وبعد ظاهرة الكسوف الشمسي كشيء اجمالي”.
وقد قامت جونسون، وبمساعدة زملائها، بتولي زمام الامور وجمع المشاهدات الموثقة والتدقيق فيها، فور انتهاء الظاهرة وعودة الشمس لوضعها الطبيعي.
إتضح ان ظاهرة الكسوف لم تقتصر على جعل الناس يتصرفون بجنون ويسلكون سلوكًا غريبًا، بل كان لها تأثير ايضاً على النباتات والحيوانات في جميع انحاء عالم الطبيعة.
تأثيره على الحيوانات الأليفة
بعد كل هذه الاحداث، فإنه ليس من الغريب أن تتأثر الحيوانات بظاهرة الكسوف، العديد منها يرتبط سلوكه بأوقات النهار والليل، الذي يرتبط بدوراتٍ من الضوء والظلام، ودرجة الحرارة.
في الماضي، لاحظ العلماء سلوكاً غريباً في الحشرات، وقرود الشمبانزي، وقرود البابوون الافريقية (Baboons) تأثراً بظاهرة الكسوف. (هناك تقرير حول هذا الامر على موقع Live Science).
وقالت جونسون: “لكن ظاهرة الكسوف التي حدثت البارحة كانت امراً مختلفًا، لأنها حدثت في منطقة مأهولة بالسكان، لذا، نجمع العديد من التجارب المختلفة من مشاهدات الناس”، وحتى الآن، فإن اكثر من 500 شخصًا يستخدمون تطبيق iNaturalist وحقق ما يقارب 2,100 توثيقًا للمشاهدات وكان من ضمنها حوالي 350 نوعاً مختلفاً”.
وأضافت :”وبطبيعة الحال، كانت الكلاب من نوع Fidos و Fifis التي كانت برفقة الناس الذين كانوا يشاهدون ظاهرة الكسوف، والاشد ملاحظة فترة كسوف هو العديد من التقارير التي وصلتني حول الكلاب التي يبدو كأنها تتفاعل مع الكسوف”.
واضافت :”بينما تبين التقارير التي جاءت حول القطط، انها كانت مضطربةً ايضاً، إلا انه من الصعب قليلاً فهم سلوكها تبين على سبيل المثال، غرد شان كارول (Sean Carroll)، عالم الفيزياء النظرية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، على تويتر أنه كان هناك تأثير فلكي وصفه “بالغريب” على واحدة من قططه، بينما ظلت بقية القطط طبيعية.
واستنتج كارول من ذلك، ان “الشخصية تتغلب على علم الفلك”.
وقالت جونسون :”بصفةٍ عامةٍ، معرفة ما يقوم به القط المنزلي هو امر صعب قليلاً”.
قالت جونسون لموقع (Live Science) :” سأكون محبطةً حقاً لمحاولة معرفة ما كانت تفعله قطتي”، واضافت: “لكن سلوك الكلاب اكثر شفافية بقليل”.
تأثيره على حيوانات المزرعة
قال تيم رينبوت (Tim Reinbott)، مدير العمليات الميدانية في كلية الزراعة في جامعة ميسوري (University of Missouri) حيث ساعد في ادارة مزرعة للبحوث الزراعية: “الدجاج المحلي كان له ايضاً رد فعل على تأثير الظلام من الكسوف، ولكنها بدت أكثر تأثراً بدرجات الحرارة”. كانت درجة الحرارة في يوم الكسوف مرتفعة جداً، لكن حالما اختفت الشمس، انخفضت درجة الحرارة بشكلٍ كبيرٍ.
كما قال رينبوت: “وكانت ابرز التأثيرات على الدجاج هي انها خرجت من تحت قن الدجاج، حيث عادةً تختبئ عندما تكون درجة الحرارة مرتفعة. ثم، وعند اكتمال ظاهرة الكسوف، بدؤوا بتنظيف أنفسهم كما يفعلون عادةً في المساء. وعند عودة الشمس، عاد الدجاج للاختباء تحت اقفاصهم”.
كان للأحصنة ايضاً حصة من هذا التأثير الغريب.
قال رينبوت لـ(Live Science): “بعد انتهاء الكسوف، بدأت الامهار بالتصرف بطريقة جنونية، بدأت بالصهيل، والركض، والقفز. اعتقد انها شعرت كأن المساء قد حل”.
تأثيره على الحشرات، والطيور، والمخلوقات الاخرى
لاحظ رينبوت أن الحشرات قد غيرت تناغمها.
وقال :”قبل الكسوف، اصبحت حشرات سيكاداز (Cicadas : نوع من الحشرات الطيارة) صاخبةً جداً، وعندما انتهت الظاهرة عاد كل شيءٍ الى طبيعته، لقد كان هذا غريباً نوعاً ما”.
وقالت جونسون: “ان المواطنين المراقبين للظاهرة والذين استخدموا تطبيق الهاتف قد لاحظوا ايضاً بعض الطيور تحلق مع بعضها مكونةً شكلاً كبيرًا، وبعض الطيور وبالاخص الطيور الطنانة (Hummingbirds) كانت تغير نمط زقزقتها، اما تكون صاخبةً جداً او تكون هادئةً الى غريبة”.
وسمع رينبوت من بعض اصدقائه من صيادي السمك ان الظاهرة قد اثرت على الاسماك ايضاً.
حيث قال رينبوت: “قبل وصول الظاهرة لذروتها، بدأت الاسماك الكبيرة بالضرب في الماء، ويرجع ذلك الى ان الاسماك الكبيرة، مثل الباس (Bass)، تميل الى تغذية نفسها في اوقات الصباح وعند اوائل المساء، وظلمة السماء في وقت الظاهرة خلطت الامور بالنسبة لها”.
تأثيرات اخرى
ليس كل حدث في الطبيعة يعتبر السبب لسلوك الحيوانات الغريب. على سبيل المثال، في حادثة غريبة حقاً، المد والجزر القوي غير الاعتيادي الذي حدث بسبب الكسوف دمر حاجزًا لأسماك السلمون في مزرعة للاسماك بالقرب من بيلينغهام باي في واشنطن.
وبينت صحيفة سياتل تايمز (The Seattle Times)، ان ما يقارب الـ305,000 سمكة سلمون اطلسية قد سبحت الى الشواطئ، وذلك بفضل الكسوف. (ويحث المسؤولون الناس على صيد اكبر عدد ممكن من اسماك السلمون المحررة، لأنها تشكل خطراً بيئياً على المنطقة وقد تهدد موطن السلمون البري في المحيط الهادئ).
تقول جونسون :”(النباتات التي تعتمد على الضوء من اجل عملية البناء الضوئي قد اظهرت تأثيرات مثيرة للاهتمام. على سبيل المثال، التقط العديد من المواطنين صوراً لزهور مثل زهور امجاد الصباح (Morning Glories)، وزهور الكركدية (Hibiscus)، التي تغلق اوراقها عادةً في المساء، وقد اغلقت اوراقها في ذروة الكسوف، ثم اعادت فتحها بعد عودة الشمس مرة اخرى”.