ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن نوعاً جديداً لعلاج السرطان يتضمن تغيير جينات الشخص – وقد يكون بإمكانه إنقاذ حياة الأطفال – قد تخطى عقبة كبيرة هذا الأسبوع ،عندما صرحت لجنة إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية (FDA) بأن الوكالة قد وافقت على العلاج. ولكن كيف يعمل هذا العلاج؟
إن هذا العلاج هو لنوع غير شائع من سرطان الدم (Leukemia) يطلق عليه إبيضاض الخلايا الليمفاوية البائية الحاد (B-cell acute lymphoblastic leukemia)، والذي يصيب الأطفال والشباب بصورة رئيسية، وفقاً لجريدة التايمز البريطانية (the Times)، إن نسبة نجاح العلاج الذي شوهد في تجربةٍ سريريةٍ حديثةٍ كان “مذهلاً” حسبما قال لي غرينبرغر (Lee Greenberger)، المدير العلمي في جمعية اللوكيميا وسرطان الغدد اللمفاوية (LLS)، لم يشارك غرينبرغر مباشرةً في بحث العلاج الجديد، لكن جمعيته قد ساهمت بتمويل كبير للعمل.
اللوكيميا هو سرطان خلايا الدم البيضاء، وهو يبدأ في نخاع العظم، المادة الطرية الموجودة في مركز العظام والمسؤولة عن تكوين خلايا الدم.
يعمل العلاج الجديد ببساطةٍ عن طريق إعادة توجية الخلايا المناعية للشخص نفسه من أجل محاربة السرطان.
وللقيام بذلك، يقوم الأطباء أولاً بإزالة ملايين الخلايا المناعية، التي تسمى الخلايا التائية (T cells)، من دم المريض. تساعد الخلايا التائية بصورة طبيعية على تدمير الخلايا المصابة أو السرطانية.
تُرسَل الخلايا التائية إلى المختبر لغرض تنقيتها، ثم يتم تعديلها وراثياً. يقوم العلماء بخلط الخلايا مع فايروس يعمل كناقل وذلك لإدخال جزء من المادة الوراثية للفايروس ودمجها مع المادة الوراثية للخلايا التائية. (عادةً ما تقوم الفايروسات بإدخال حمضها النووي DNA إلى الخلايا الحية) في هذه الحالة، فإن الناقل المستخدم هو شكل غير نشط من فايروس نقص المناعة البشرية (HIV). بعد 15-25 يوم – والتي بدأت خلالها الخلايا بإنتاج البروتين الجديد الذي تم تشفيره بواسطة الحمض النووي، إضافة إلى النمو والانقسام – تمت إعادة زرع الخلايا المعدلة جينيا في المريض.
وهذه أساساً طريقة علاج لمرة واحدة فقط، كما قال غرينبرغر.
إن المادة الوراثية التي يدخلها الفايروس إلى الخلايا التائية تجعلها تقوم بمهمتين عند إعادتها إلى جسم المريض. أولاً، تنتج الخلايا التائية جسماً مضاداً يستقر على سطح الخلية، حيث يمكنها من التعرف على الخلايا السرطانية. كذلك تعمل المادة الوراثية الجديدة على تنشيط الخلايا التائية، بحيث عندما تصل إلى الخلايا السرطانية، فهي لا تقوم بتمييزها فحسب، بل تتعلق بها وتدمرها أيضاً.
ما إن تصبح هذه الخلايا داخل الجسم، حتى تبدأ بالتضاعف، وبالتالي سيحوز المريض في نهاية المطاف على جيش كامل منها في دمه.
تستمر عملية قتل الخلايا السرطانية بواسطة الخلايا التائية بضعة أسابيع. لكن عندما يعمل العلاج، فمن الممكن أن يسبب بعض الآثار الجانبية الخطيرة، والتي تشمل حالة تسمى متلازمة إفراز السايتوكاين (Cytokine release syndrome)، والتي يمكن أن تسبب الحمى، وحالة أخرى تسمى التسمم العصبي (Neurotoxicity)، والتي تسبب أعراضاً مثل الارتباك (Disorientation) وعدم القدرة على الكلام.
تظهر هذه الآثار الجانبية عندما تبدأ الخلايا التائية بقتل الخلايا السرطانية، وتخف عندما تستنزف هذه الخلايا (خلايا السرطان). مع ذلك، يجب أن يبقى المريض في المستشفى طوال هذه العملية وتتم مراقبته بعناية. وفي بعض الحالات، يحتاج المرضى إلى العناية المركزة.
وبالإضافة إلى ذلك، تحمل بعض الخلايا الطبيعية غير السرطانية البروتين الذي تم تصميم الخلايا التائية للتعرف عليه. ما يعني أن الخلايا التائية سوف تقوم أيضاً بقتل الخلايا البائية السليمة. يستطيع المرضى العيش من دون تلك الخلايا البائية، كما قال غرينبرغر، لكنهم بحاجة إلى جرعات منتظمة من الأجسام المضادة لتقوية الجهاز المناعي.
استندت توصية لجنة إدارة الأغذية والعقاقير على نتائج تجربة سريرية أديرت من قبل شركة نوفارتيس (Novartis) للأدوية. وفي هذه التجربة، أعطي العلاج الجديد ل63 مريضاً، 52 منهم (أو 83%) تماثلوا للشفاء من السرطان، بينما توفي المرضى ال11 الأخرون.
وأشار غرينبرغر إلى أن العلاج يوصى به لمرضى اللوكيميا الذين لا يملكون خيارات أخرى للعلاج. واستناداً إلى نتائج البحث، فإنه يفي بالغرض. أوصت لجنة إدارة الغذاء والدواء بأن تتم الموافقة على هذا العلاج خصيصاً للمرضى الذين لم يستجب لديهم السرطان لعلاجات أخرى أو للذين عاد إليهم السرطان بعد العلاج.
حتى الآن، لم يعاود السرطان الظهور لدى المرضى الذين تمت معالجتهم بنجاح بواسطة العلاج الجديد في الفترة ما بين أبريل 2015 وأغسطس 2016، ولم يعانوا من أي آثار جانبية خطيرة. ومع ذلك، فهم بحاجة إلى المراقبة على المدى الطويل لملاحظة أي تغيير. وتخطط شركة الأدوية نوفارتيس (Novartis) لمراقبة المرضى لمدة 15 سنة.