الكميات الضئيلة من إحدى البروتينات التي تتراكم في مرض باركنسون تسبب إثارة الجهاز المناعي، مما يؤدي الى اعتبار هذا البروتين مهاجماُ غريباً.
في اختبار الدم، تم تنشيط الخلايا المناعية التي تسمى الخلايا التائيِّة (T cells) عند تعرضها للبروتين في حوالي 40% من مرضى باركنسون حسب دراسة جديدة، هذه الاستجابة المناعية الذاتية يمكن أن تسهم في تطور المرض (كما نشر الباحثون على الإنترنيت في 21 يونيو في مجلة (Nature).
وقال ديفيد سولزر (David Sulzer)، عالم الأعصاب في جامعة كولومبيا، ومعهد نيويورك للطب النفسي في مدينة نيويورك: “إن الاضطرابات العصبية مثل مرض باركنسون لم يتم التفكير فيها في الواقع على أنها اضطرابات مناعية ذاتية.” وأضاف: “تشير البيانات بقوة إلى أننا ننظر بشكل جيد إلى الاستجابات المناعية الذاتية على أنها على الأقل في واحدة من الحلقات ضمن سلسلة تطور مرض باركنسون.”
يعاني مرضى باركنسون من الرعاش والحركة البطيئة، إضافةً إلى أعراضٍ أخرى. لا يعرف العلماء ما الذي يسبب مرض باركنسون بالضبط، لكن في أثناء المرض، تموت العديد من الخلايا العصبية الموجودة في منطقة من الدماغ تسمى المادة السوداء (Substantia nigra). تفرز هذه الخلايا العصبية الدوبامين (وهو مرسل كيميائي يتم إرساله إلى أجزاء أخرى من الدماغ لتنسيق الحركة). وهناك نقط صغيرة تدعى أجسام ليوي (Lewy bodies)، مكونة بشكل أساسي من بروتين يسمى ألفا سينوكلين (Alpha-synuclein)، تتراكم أيضاً في هذه الخلايا العصبية.
من وظائف الجهاز المناعي التمييز بين مكونات الجسم نفسه والمواد الغريبة مثل البكتيريا والفيروسات. هناك أنواع معينة من الخلايا المناعية تلتقط البروتينات وتقدمها إلى الخلايا التائيّة، والتي تقرر بدورها “هل هي من نفس الجسم؟ أم هل هي من غيره؟ هل جاءت من بكتيريا، أو فيروس أو أي نوع من المايكروبات؟” كما يقول سولزر. في اضطرابات المناعة الذاتية، يخطئ الجهاز المناعي في الحكم.
اكتشف سولزر وزملاؤه في وقت سابق أن الخلايا العصبية التي تفرز الدوبامين يمكن أن تقدم البروتينات إلى الخلايا التائيّة إذا ما أعطيت إشارة من الجهاز المناعي. إذا لم يستطع الجسم تحليل ألفا سينوكلين بشكل صحيح، فإن كميات من هذه البروتينات التي تتراكم في الخلايا العصبية يمكن أن يتم تقديمها لاحقاً إلى الخلايا التائيّة، والتي قد تعتبرها “غريبة عن الجسم، حتى لو أتت منك”، كما يقول سولزر. اختبر الباحثون في الدراسة الجديدة الاستجابة المناعية لسلسلتين صغيرتين مختلفتين من بروتين ألفا سينوكلين مستخدمين عينات دم من 67 شخصا مصابا بباركنسون و36 شخصا آخر أصحاء.
يقول سولزر، بالفعل، تم اعتبار قطعتي ألفا سينوكلين بروتينات غريبة من قبل خلايا T لدى مرضى باركنسون. ويخمن أن الاستجابة المناعة الذاتية تساهم في تطور المرض، وليس بدء ظهوره، لأنها نتجت من عدم القدرة على تكسير بروتين ألفا سينوكلين بشكل مناسب.
يقول عالم الأعصاب أندرو ويست (Andrew West) من جامعة ألاباما في برمنغهام: “كما هو الحال مع أي دراسةٍ جيدة، هناك أسئلة أكثر من الإجابات”. على افتراض أنه يمكن تكرار العمل في مرضى باركنسون الآخرين، “يصبح السؤال: متى تصبح هذه التغييرات في تنشيط الخلايا المناعية واضحة؟ في وقت مبكر من المرض، أم في وقت لاحق؟”
ترجمة: Banan Adel
تدقيق علمي: Muhammad Basim
تدقيق لغوي: Alfadhel Ahmad
تصميم: Nabaa A. Abdulabbas
المصدر: هنا