ما زالت الإكتشافات الأثرية تفتننا كلما نقبنا في الماضي – مثل حبيبات البطاطس العائدة إلى عصور ما قبل التأريخ التي تم اكتشافها في ولاية يوتا، حيث يصرح الخبراء بأن عمرها قد يصل إلى 10,900 سنة.
ولكي نكون أكثر دقةً، تنتمي حبيبات النشا هذه إلى نبات (Solanum jamesii)، والذي ينتج البطاطا البرية الصغيرة، ويمكن أن تساعدنا هذه الحبيبات على جعل بطاطس اليوم أكثر مقاومةً للجفافِ والمرض.
علاوةً على ذلكَ، يبدو ان هذا هو أول مثال على نبات البطاطس الداجن (النوع الصالح للأكل) يظهر في أمريكا الشمالية، ما يمنح المؤرخين نظرةً جديدةً على النظم الغذائية وطرق الطهي التي استخدمها أسلافنا القدامى.
تقول ليزبث لاودرباك (Lisbeth Louderback)، رئيسة البحث من جامعة يوتا: “قد تكون هذه البطاطس بنفس أهمية البطاطس التي نأكلها اليوم، ليس لكونها نباتات من الماضي فحسب، بل إنها تشكل مصدراً غذائياً ممكناً للمستقبل.”
لا تشبه البطاطس من نوع (S. Jamesii) البطاطس التي تعتاد شرائها من محل البقالة، والتي تنحدر من نبات (Solanum tuberosum) الذي تم تدجينه لأول مرة في جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية منذ أكثر من 7,000 سنة.
على الرغم من كونها نادرةً، لا تزال بطاطس (S. Jamesii) تُزرع وتؤكل في منطقة إسكالانتي في ولاية يوتا إلى يومنا هذا، ولها نكهة الجوز عندما تُعد بالشكل الصحيح – كل ما في الأمر أن لا أحد يدرك كم يمتد تاريخها إلى زمنٍ بعيدٍ.
تم اكتشاف حبيبات النشا على أدوات طهي حجرية قديمة أثناء الحفر في موقع نورث كريك شيلتر (North Creek Shelter) في وادي إسكالانتي. بعد حيرة الخبراء في البداية، وجدوا في نهاية المطاف أن الدوائر المجهرية متحدة المركز على حبيبات البطاطس كانت مطابقة للنوع (S. Jamesii).
نحن نعلم أن أنواع البطاطس هذه كانت تؤكل من قبل العديد من القبائل الأمريكية الأصلية، من ضمنها الأباتشي (Apache) والنافاجو (Navajo) والهوبي (Hopi). وتعتبر مغذيةً للغاية، كونها تحتوي على الكثير من البروتين والزنك والكالسيوم والحديد مقارنةً بنوع (S. tuberosum).
مع ذلك، تتواجد هذه البطاطس فقط في مناطق معزولةٍ بالقرب من مواقع الحفر الأثرية في ولاية يوتا، مما يشير إلى أن درنات البطاطس قد تم جلبها إلى المنطقة بواسطة الغرباء.
تساعد كل هذه المعلومات الجديدة علماء الآثار والمؤرخين في دراستهم للحياة لأنها قد ترجع إلى عشرات الآلاف من السنين، ومع كل هذه الدراسات وحتى هذه النقطة تم تحديد أول أستخدام للبطاطا في هذا الجزء من العالم في وقتٍ لاحقٍ.
يرغب الباحثون الآن بالتأكد من إمكانية بقاء نبات (S. Jamesii) للأجيال القادمة، فضلاً عن دراسة حمضه النووي للبحث عن جينات مقاومة للجفاف والمرض، والتي يمكن أن تكون مفيدةً في تنويع محاصيل البطاطس الحالية لدينا.
يقول بروس بافليك (Bruce Pavlik)، أحد أعضاء الفريق من جامعة يوتا: “من الصعب حث عامة الناس على الاهتمام بالنباتات النادرة، ولكن هذا النوع يملك تاريخاً حقيقياً يرتبط بالسكان الأصليين، والمستوطنين الأوائل، والناس الذين يعيشون على الرغم من الكساد وسكان إسكالانتي اليوم.”
كانت المنطقة معروفة لدى المستوطنين الأوائل باسم “وادي البطاطس” بالفعل، وهو اسم ومعنى تم نسيانه عبر الأجيال.
تقول لاودرباك: “أصبحت البطاطس جزءاً منسياً من تاريخ إسكالانتي، وعملنا هو المساعدة في إعادة اكتشاف هذا التراث.”