كشفت كلاً من وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) ووكالة إستكشاف الفضاء اليابانية (JAXA) عن مشروع المسبار الفضائي الذي سيتم إطلاقه لدراسة كوكب عطارد في سنة 2018، لمعرفة سبب تقلص أصغر كواكب المجموعة الشمسية.
كذلك ستتولى المركبة الفضائية بيبي كولومبو (BepiColombo) مهمة البحث عن مياه متجمدة عند قطبي كوكب عطارد وفي براكينه، مما يعطينا المزيد من الأدلة بشأن تكوين الكوكب وتطوره.
وقال رئيس وكالة الفضاء الأوروبية ألفارو خيمينيز كانييتيه (Álvaro Giménez Cañete): “عطارد هو أقل الكواكب الصخرية استكشافاً، ليس لعدم أهميته بل بسبب صعوبة ذلك – من الصعب الوصول إليه ومن الأصعب العمل هناك.”
يقع عطارد على بعد 77 مليون كم (48 مليون ميل) عن الارض، لكن ذلك لا يعد مشكلةً كبيرةً بالنسبة للعلماء بقدر مشكلة غلافه الجوي الرقيق جداً، ما يجعل إبطاء مسبار مندفع عبر الفضاء وهبوطه على الكوكب صعباً للغاية.
لغرض الإبطاء من قوة انطلاق المركبة قدر الإمكان قبل وصولها إلى عطارد، ستقوم بيبي كولومبو بالتحليق تسع مرات حول الكواكب – مرة حول الأرض، ومرتين حول الزهرة، وست مرات حول عطارد – لكي تستهلك بعض طاقتها.
في الوقت الذي يستقر فيه المسبار في المدار، في وقتٍ ما من عام 2025، يكون قد قطع مسافةً تعادل الذهاب حول النظام الشمسي 18.5 مرة.
حالما تكون في موقعها، ينبغي على بيبي كولومبو الصمود أمام درجات حرارة عطارد المتطرفة، والتي تتراوح من 170 – درجة مئوية (280- فهرنهايت) خلال الليل إلى 430 درجة مئوية (800 فهرنهايت) خلال النهار.
يقول أورلك رايننهاوس (Urlich reininghaus) مدير مشروع بيبي كولومبو من وكالة الفضاء الأوروبية: “إن الأمر أشبه بوضع مركبةٍ فضائيةٍ في فرن البيتزا.”
حينما تصل المركبة إلى المدار، ستنفصل فعلياً إلى مسبارين، تم صنع أحدهما في وكالة الفضاء الأوروبية والثاني في وكالة استكشاف الفضاء اليابانية.
بعدها يمكن أن يبدأ العمل العلمي الحقيقي، اعتماداً على البيانات التي تم جمعها بواسطة المسبارين الذين زارا الكوكب في وقتٍ سابقٍ: مارينر 10 (Mariner 10) الذي وصل عام 1974، وماسنجر (Messenger) الذي وصل في عام 2008، وقد منحانا أفضل صور الكوكب.
تظهر قياسات السطح أن عطارد كوكبٌ نشطٌ تكتونياً وما زال ينكمش حتى اليوم لأن باطنه آخذٌ بالبرودة – ويحاول العلماء معرفة السبب.
كما يريدون البحث عن دليلٍ على وجود مياهٍ متجمدةٍ بعيدةٍ عن الأنظار في حفر عطارد المظلمة وبراكينه، بمعزلٍ عن وهج الشمس الشديد والحرارة. إن تمكنت بيبي كولومبو من أخذ عينات كيميائية من الجليد، فمن الممكن أن تقدم لنا فكرةً أفضل عن كيفية نشوء كوكب عطارد في المقام الأول.
يعتبر كوكب عطارد مميزاً أيضاً لأنه يقع عميقاً جداً ضمن مجال الجاذبية الشمسي. يريد العلماء استخدام بيبي كولومبو لاختبار نظرية النسبية العامة لآينشتاين، حيث سيكون ذلك أكثر دقة بحوالي 100 مرة من اختبارها هنا على الارض.
وهناك لغز آخر يتمثل بامتلاك عطارد باطناً معدنياً كبيراً مغطى بطبقة رقيقة من صخور السيليكات. إن فرضيات تآكل الطبقات الخارجية للشمس، أو أنها انفصلت بسبب اصطدامها بكوكبٍ آخرٍ، لا تتطابق مع بيانات السطح التي قام ماسنجر بجمعها.
باستعمال أجهزة أكثر دقةً والنظر إلى عطارد عن كثبٍ، يأمل الخبراء في وكالتي الفضاء بالحصول على أجوبةٍ لبعض هذه التساؤلات، ونحن نتحرق شوقاً لمعرفة ما سيتم إيجاده.