لقد بقي إتخاذ بيوض الطيور أشكالًا متعددة لغزاً غير مكشوف لمدةٍ طويلةٍ. وتشير الأبحاث الجديدة حالياً إلى أن التكيفات للطيران قد حددت تشكيل المحور الدائري للبيضة.
حيث ان الطيور الأقدر على الطيران تميل إلى وضع بيوض أكثر استطالة، وفقاً لما ذكره الباحثون في مجلة العلوم (Science) بتاريخ 23 يونيو، وتأتي هذه النتيجة في أول تحليل كبير لأشكال البيوض التي تتباين في أشكال متعددة بتعدد أنواع الطيور المختلفة، من بيضةٍ كرويةٍ مثاليةٍ تقريباً في البومة البنية (Brown hawk owl) إلى بيضة بشكل قطرة المطر في الدريجة الدنيا (Least sandpiper).
تقول ماري كازويل ستودارد (Mary Caswell Stoddard) المشاركة في الدراسة وعالمة الأحياء التطورية في جامعة برينستون : “تؤدي البيوض وظيفةً خاصةً في الطيور؛ فالبيضة مصممة لحماية الفرخ وتغذيته؛ فلمَ هذا التنوع في الشكل حينما تكون هناك وظيفة محددة؟ كان ذلك سؤالاً مثيراً للاهتمام”.
تقترح دراساتٌ سابقةٌ العديد من الفوائد الممكنة للأشكال المختلفة، فربما تكون البيوض المخروطية أقل عرضة للتدحرج خارج أعشاش الطيور التي تعيش على الجروف الصخرية؛ ومن الممكن أن تكون البيضة الكروية أكثر مرونة في حالات التضرر في العش. ولكن لم يقم أحد بإختبار هذه الفرضيات لنطاق واسع من الطيور.
قامت ستودارد وفريقها بتحليل ما يقرب من 50,000 بيضة من 1,400 نوع، تمثل حوالي 14% من أنواع الطيور المعروفة. قام الباحثون بغلي كل بيضة إلى صورة ظلية ثنائية الأبعاد ثم استعانوا بخوارزمية لوصف كل بيضة باستخدام متغيرين: كيف تكون البيضة بيضاوية أو كروية الشكل وكيف تكون غير متناظرة — فيما إذا كانت تشير إلى طرف أكثر من الطرف الآخر.
بعدها نظر الباحثون إلى الطريقة التي تختلف بها هاتان الصفتان عبر شجرة عائلة الطيور.
وقد ظهر نمط واحد: الأنواع الأقوى في الطيران، الذي تم قياسه من شكل الجناح أيضاً، تميل إلى وضع بيوض أكثر بيضاوية أو غير متناظرة، كما يقول المشارك في الدراسة ل. ماهاديفان (L. Mahadevan) عالم في الرياضيات والأحياء لدى جامعة هارفارد.
إمتداد الشكل
بعد فحص 1400 نوع من البيض (البيضة المتوسطة لكل نوع ممثلة بنقطة برتقالية باهتة في مخطط التشتت) وجد الباحثون ان شكل بيوض الطيور قد تم تحديده بمتغيرين:
التسطح وعدم التماثل، النقاط البرتقالية الغامقة تشير الى الانواع التي يسلط عليها الضوء كأمثلة
نوه ماهاديفان إلى أن البيانات تُظهر ترابطاً فقط، ولكن الباحثين يفترضون تفسيراً ممكناً واحداً للعلاقة بين الطيران وشكل البيض، وللتكيف مع الطيران ساهمت أجسام الطيور الانسيابية في تضيق الجهاز التناسلي؛ ومن شأن هذا التضيق أن يحد من عرض البيضة التي يمكن أن تضعها الأنثى.
ولكن بما أن البيوض توفر التغذية للفرخ النامي في الداخل، فإن تضائل البيض كثيراً سوف يؤثر في نمو الجنين. قد تمثل البيوض الطولية حلاً وسطاً للحفاظ على حجم البيضة دون زيادة محيطها، كما تقترح ستودارد. ويمكن أن يزيد عدم التناظر من حجم البيضة بطريقة مماثلة.
تقول كلير سبوتيسوود (Claire Spottiswoode)، عالمة الحيوان في جامعة كامبريدج، التي كتبت تعليقاً مرفقاً بالدراسة: “إن اختبار علاقة سببية بين قابلية الطيران وشكل البيض أمر صعب؛ لأننا بالطبع لا نستطيع إعادة شريط للحياة بأكمله مرة أخرى، ومع ذلك فإن الأدلة مقنعة” وتضيف: “إنها حجة معقولة جداً.”
سانتياكو كلارامونت (Santiago Claramunt)، القيم المساعد في علم الطيور في متحف أونتاريو الملكي في تورونتو، غير مقتنع بأن تكيفات الطيران قد لعبت دوراً رئيسياً في تطور شكل البيض. ويقول: ” الانسيابية في الطيور محددة بواسطة الريش أكثر من شكل الجسم — يمكن أن تمتلك الطيور الماهرة في طيرانها أجساما ضخمة مستديرة.” وهذا ما لا يعطي البيوض الطولية الميزة نفسها مقارنة بأشكال البيوض الأخرى. ويستشهد بطيور الفرقاطيات (Frigate birds) والسمامة (Swift) كأمثلة، والتي تقطع مسافات طويلة في طيرانها ولكنها تمتلك اجسام عريضة إلى حد ما. واضاف: “هناك بالتأكيد المزيد من ذلك.”
وبالفعل، أظهرت بعض رتب الطيور صلةً قويةً بين الطيران وشكل البيض مقارنةً برتبٍ أخرى.
في حين أن عوامل أخرى — مثل مكان وضع الطيور لبيوضها وعددها في المرة الواحدة — لا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بشكل البيض للطيور ككل، إلا أنها يمكن أن تكون مهمة ضمن فروعٍ معينةٍ من شجرة عائلة الطيور.