لا شك أنك لاحظت كيف يستجيبُ جلدُك عند تعرضك للسعةِ بعوضةٍ. قد تستطيع إحتمال ألم اللسعة وما يتبعه من تورمٍ مُحْمَرٍ، لكن الحكة المستمرة كافية لأن تقودك إلى الجنون. ولكن لماذا تصيبك لسعة البعوضة بالحكة؟!
لماذا يلسع البعوض؟
لا يلسعك البعوض لمجرد التسلية، ولا لغرض الدفاع عن النفس (كما يحصل عادةً مع لسعاتِ النحل). كما أن كلاً من الذكر والأنثى يحصلان على الغذاء من الرحيق، وليس من الدم.
أنثى البعوض فقط هي التي تتغذى على الدم، وتفعل ذلك فقط حينما تُنَمي البيوض.
بالنسبة لحشرة صغيرة مثل البعوضة، فإن لسع أحدى الثدييات الكبيرة مثلك يعد مجازفةً خطيرة. ويتعرض عدد ليس بقليل من البعوض إلى الصفع والقتل أثناء سعيه وراء الدم. لهذا تلجأ البعوضة الأم إلى شرب الدماء فقط حينما تكون بحاجة إلى البروتينات لإنتاج بيوض حية تتمتع بصحةٍ جيدةٍ.
إن أرادتْ البعوضة البقاء على قيد الحياة وإنتاج النسل، فعليها أن تكون سريعةً وكفوءةً في الحصول على وجبة الدم. سوف تبحث عن وريد يجري فيه الدم بشكل جيد، لكي يقوم بمهمة ملئ معدتها سريعاً بالدم، فتهرب قبل أن تجد أنت الوقت لكي تستجيب للسعة.
لماذا تحدث الحكة؟
رغم أننا نسميها في العادة لسعاتٍ، إلا أن البعوض لا يقوم باللسع على الإطلاق. تقوم البعوضة بخرق طبقة جلدك العليا بواسطة خرطومها، وهو عبارة عن فم شبيه بالأنبوب يسمح لها بشرب السوائل. وبعد أن تخترق بشرتك، تستخدم البعوضة خرطومها لتبحث عن وعاءٍ نابضٍ بالدم في أدمة الجلد.
وحينما تعثر على وعاء دموي جيد، فإنها تطرح بعضاً من لعابها في داخل الجرح. يحتوي لعاب البعوضة على مضادات التخثر (Anti-coagulants)، التي تحافظ على تدفق دمك حتى تنتهي البعوضة من وجبتها.
يدرك جهازك المناعي الآن أن هناك خطباً ما، وينطلق للعمل. حيث تنتج خلاياك البلازمية (Plasma cells) أجساماً مضادةً وترسلها إلى مكان اللسعة.
تحفز هذه الأجسام المضادة الخلايا البدينة (Mast cells) على إفراز الهستامين (Histamine) لكي يقاوم المادة الدخيلة. يصل الهستامين إلى المنطقة المعرضة للهجوم، مسبباً توسع الأوعية الدموية فيها؛ وهذا ما يؤدي إلى التورم المُحمَر على الجلد.
ولكن ماذا عن الحكة؟ عندما تتوسع الأوعية الدموية، فإن ذلك التورم يهيج الأعصاب الموجودة في المنطقة. وهذا التهيج العصبي هو ما يعطيك شعوراً بالحكةِ.
تشير الدراسات الحالية لإستجابة الفئران عند تعرضها إلى لسعةِ البعوض إلى احتمالية وجودِ عاملٍ آخرٍ يسبب الحكة. قد تفرز الخلايا البدينة مادةً أخرى غير الهستامين تحفز الخلايا العصبية المحيطية على إرسال إشارات الحكة إلى الدماغ.
كيف نمنع هذه الحكة؟
كما ينبغي أن يكون واضحاً، فإن أفضلَ وسيلةٍ للتخلص من حكة لسعة البعوض تتمثل في تجنب التعرض للسع في المقام الأول. حاول قدر الإمكان ارتداء أكمامٍ طويلةٍ وسروالٍ حينما تكون في الخارج والبعوض متواجد في حالةِ نشاطه. تظهر الدراسات أن طاردات الحشرات التي تحتوي على الديت (Deet) تكون فعالةً ضد البعوض، لذا قدم لنفسك معروفاً وضع قليلاً من المبيدات الحشرية قبل المغامرة في الخروج.
إن تعرضتَ للسع بالفعل، فإن أفضل ما تدافع به ضد الحكة هو مضاد هستامين (Anti-histamine) جيد. خذ جرعةً من مضاد الهستامين الذي تفضله لتخفيف الحكة والتهيج. كما يمكنك استعمال مضاد هستامين موضعي في مكان اللسعة.