دراساتُ الباحثينَ لمدة 30 سنة حولَ الجذبِ وجدت أنَّ العواملَ الشميَّة والسمعيَّة لعِبت دوراً رئيسياً في الجذب .
عبر الثلاثين سنةً الماضية ،أَعطت الأبحاث على الجذب إنتباهاً كبيراً إلى أهميةِ الوجهِ والجسم، متجاهلةً الدورَ المهمَّ للرائحةِ والصوتِ في الإنجذاب بينَ شخصين . كما يشيرُ فريق العلماء الدولي بقيادة أغاتا غرويكا: “الجمال يكون ايضاً في أنف وأذن الناظر” .
أجرى الباحثونَ مراجعةً حول عوامل الجذب على مدى الثلاثين سنة الماضية ووجدت النتائج التي نشرت اليوم في إطار علم النفس، أدلةً دامغةً على أنَّ المكوناتِ الشمية والصوتية تلعب دوراً رئيسياً في الجاذبية، وهو الشيء الذي لم يكن موجوداً في الأبحاث الحالية.
“كان هناك تفاوت في العوامل المتعلقة بدور الحواس المختلفة والطرائق المختلفة في ادراك الجاذبية” هكذا قالت غرويكا، طالبة الدكتوراه في علم النفس في جامعة بروستواف في بولندا.
في المراجعة، سلطت غرويكا وزملاؤها الضوء على الدراسات التي تدل على أنه من خلال صوت الفرد نحن قادرون على تحديد الهيمنة، والتعاونية، والوضع العاطفي وحتى حجم جسم المتكلم. وبالمثل، أشارت الدراسات أيضاً إلى أنَّ رائحة الفرد يمكن استخدامها لتقييم الجنس والخصوبة والنظام الغذائي والتوافق الجيني. في الواقع، الرائحة تسمح لنا بأن نتعرف على أقاربنا، وهي آليةٌ تطوريةٌ محتملةٌ لتجنب زواج الأقارب.
تقول غرويكا: “قد يعرف معظم الناس النوع الذي يفضلون -من حيث الجاذبية الجسدية- ولكنهم قد لا يعرفون نوع الروائح أو الأصوات التي يحبونها” إنه ذلك الشعور عندما تجد شخصاً ما جذاباً ولكنك لست متأكداً حقاً لماذا.
في غياب الإشارات البصرية، وجد الباحثون أن صوتاً جذاباً أو رائحة جسم أثاروا “السلوك الإجتماعي الإيجابي” والإنطباعات الإيجابية حول الموضوعات.
في الواقع، يمكن لهذه العناصر التنبؤ بشكل مستقل بالإختلافات في النجاح الإنجابي والإجتماعي والإقتصادي.
وكان من النتائج الهامة الأخرى أنه عندما تم تقييم البصر والرائحة والصوت في آن واحد، كان تأثيرها مجتمعة متآزراً، فإنها توفر معلومات اكثر من أي عنصر منها مستقلاً.
وقد أدى الجمع بين وجهٍ جذاب، على سبيل المثال، مع صوتٍ او رائحةٍ جذابة، الى حكمٍ عام أعلى للجاذبية مما يمكن أن يتنبأ به جانب واحد.
ما هو أكثر من ذلك، أظهرت المراجعة أيضاً أهمية تطورية واضحة لمؤشرات الوسائط المتعددة، أو الوسائط المتعددة المستخدمة لتقييم شريك محتمل، صديق، أو حتى زميل. على سبيل المثال تقترح ما يسمى بفرضية الإشارة الزائدة، أننا إذا اهتممنا بسلسلةٍ من الصفات مجتمعة، سيكون لدينا تقدير أفضل للشخص من حال التركيز على صفةٍ واحدة. وبالمثل نظرية اللياقة البدنية، تفترض أنه يتم التعبير عن الجودة الجينية للفرد من خلال مجموعة من الصفات المظهرية.
وفي حين أن المراجعة جاءت الى بعض الإستنتاجات القوية، فإنها تتصور أيضا أن علم الجاذبية معقد للغاية. تبدي المرأة تفضيلها لمستوى الذكورة عموماً، لكنها تتسم بالمرونة في كيفية تحقيق هذه الغاية. وقد يفضلن هيئات أقل ذكورية لدى الرجال ذوي الأصوات الذكورية، على سبيل المثال. وكلا الجنسين وجدوا أن وجوه الناس الذين لديهم أنماط جينية متماثلة أكثر جاذبية، على الرغم من أنهم يفضلون الروائح من الذين لديهم أنماط جينية مختلفة، مما يشير الى أن بعض الاختلاف في الانماط الجينية هو الأفضل.
ولكن تلك الأفضليات، كما أشاروا، يمكن أن تتحول أيضا مع الوقت والحالة. فالخصائص البصرية والصوتية للشريك تميل أن تكون أكثر أهمية لكلا الجنسين في وقت مبكر من العلاقة، في حين أن الرائحة تلعب دوراً أكثر أهمية في وقت لاحق، عندما يكون الشركاء أكثر حميمية. في حين أن هذا الفارق في تصورات المرأة كان أقل وضوحاً.
صرحت غرويكا أن فهماً أفضل لتعقيدات الجذب سيحتاج لبذل جهود بحثية أعظم، لكنها تأمل أن المراجعة سوف تلهم المزيد من العلماء لدمج العناصر المهملة من صوت ورائحة في أبحاثهم.
وقالت غرويكا: “نأمل أن يدرس الباحثون جاذبية الصوت أو غيره من السمات التي يمتلكها الناس دون عزلها عن الوجوه” وأضافت: “في العالم الحقيقي، ليسوا موجودين في عزلة عن بعضهم” .