منذ 600 مليون سنة كانت الحياة تستجيب لعالمنا المتغير. فقد احتلت كل بيئة يمكن تصورها كل ركن من أركان الكرة الأرضية من حيوانات ونباتات. وتنوعت التحولات البيئية فانقرضت جماعات وفسحت المجال لتطور كائنات جديدة. وهم يتنافسون من أجل البقاء. ولكن كيف على الكائنات اغتنام هذه الفرص؟
هل هي تتطور لصفات جديدة استجابة لضغوط من بيئات جديدة، أم أنها قادرة على الانتقال إلى مساكن جديدة لأنها قد تطورت بفعل التعديلات المناسبة؟ تعتبر دراسة تطور الخيول هي الأحدث بين نظريات التطور. تخضع فرص بقاء الكائن الحي في موطن جديد على الظروف البيولوجية والبيئية في المنطقة. وإذا كانت هذه الظروف متوافقة مع المتطلبات الأساسية للكائن عندها قد يكون الكائن قادراً على الاستمرار والتكيف والازدهار. ومن الصعب على الكائنات الانتقال إلى بيئة جديدة. ففراشة اليسروع على سبيل المثال تتغذى بشكل حصري تقريباً على الصقلاب. ومن الصعب عليها الاستمرار دون هذا المصدر الغذائي الحيوي. ومن جهةٍ اخرى، اذا استطاع الكائن البقاء على قيد الحياة في بيئة جديدة فذلك لا يعني بالضرورة أنه سيكون قادراً على الوصول إلى هناك. مثلاً، يستحيل على الدببة القطبية الانتشار بشكل طبيعي من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي. ويأتي جزء كبير من فهمنا لكيفية تطور الكائنات الحية من خلال دراسة إشعاعات التكيف.
إشعاع التكيف هو عملية تطورية تتباعد فيها الكائنات إلى أشكال مختلفة متعددة. وهناك العديد من الأمثلة الكاريزمية منها عصافير داروين في جزر Galapogos والأسماك القشريات في بحيرات شرق إفريقيا، والسحالي Anolis على جزر البحر الكاريبي. وتتضمن هذه الأمثلة عملية ملء مكانٍ شاغرٍ بعد حدوث انقراض جماعي بغياب المنافسين أو الحيوانات المفترسة. إن تاريخ تطور الخيول موثق بشكلٍ جيد في السجل الأحفوري. وهو مثال حي لكيفية نجاح عملية التطور من خلال المعلومات التي تم جمعها عن حقائق مثل تكيف أسنانها للرعي وتعديل حوافرها للسرعة. وعلى الرغم من أن هناك أنواع سبعة فقط من إشعاعات التكيف هذه : الحصان، الحمار، الحمار الوحشي وحمار الجبل الوحشي إلا إن حفريات مئات الأنواع المنقرضة قد تم اكتشافها. وقد بدأت دراسة جديدة في السنوات الثماني عشرة الأخيرة في دراسة تطور الحصان مقارنة مع التغيرات الجسدية السريعة وتوفر فرص بيئية جديدة تشمل توافر الغذاء. وقد توفر للخيول فرصة ايكولوجية تمثلت بالقدرة على الهجرة من أمريكا إلى سيبيريا عبر الجسر البري بيرينغ. ومن هناك كانت قادرة على استعمار أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط. ولكن السجل الأحفوري يبين أن تنوع الخيول لم ينتج عن التطور السريع للصفات الجسدية. فمن المرجح أن يكون التنوع نتيجة للاستجابات للبيئة القاسية كما هو الحال مع الخيول قصيرة الأرجل إن نتائج هذه الدراسة الأخيرة ستزيد فهمنا عن التاريخ التطوري لواحدة من السلالات الاكثر تطوراً بين الثدييات على الأرض بالاضافة الى توسيع معلوماتنا عنسبب وزمن تكيف الكائنات الحية مع محيطها شكلياً وتركيبياً.