قد تكون غرائز الأمومة سببها تغيرات هيكلية تحدث في الدماغ بعدما تنجب المرأة ، والتي تستمر لمدة سنتين على الأقل. إنَّ أغلب هذه التغيرات تحدث على مستوى القشرة الدماغية التي تشارك في قراءة نوايا ومشاعر الآخرين، وبالتالي قد تعزز حدس الأمهات الجدد لإحتياجات أطفالهم .
وكجزء من دراسة جديدة نشرت في مجلة “nature neurosciencee “فقد استخدم الباحثون التصوير بالرنين المغناطيسي لمسح أدمغة 45 امرأة، 25 منهن أصبحن أمهات لأول مرة خلال فترة الدراسة، بينما ال(20) الآخريات لم ينجبن اطفالا. وقد إتبعوا نفس التقنية في مسح أدمغة 19 من الذين أصبحوا آباءً لأول مرة و 17 من الرجال الذين لم يكن لديهم أطفال.
بعد ذلك فإن النساء اللواتي حملن خضعن لفحص آخر بعد وقت قصير من الولادة. وعند المقارنة بين كل المجموعات، اكتشف الباحثون أن الأمهات الجدد عرضة لانخفاضات كبيرة في المادة الرمادية في الجزء الأمامي والخلفي لخط القشرة الوسطية، وكذلك أجزاء من فص الجبهة الجانبي الثنائي والقشور الزمنية الثنائية.
ثم تم العثور على هذه المناطق الدماغية نفسها وقد أصبحت نشطة حينما تنظر الأمهات صور أطفالهن الخاصة، ولكن ليس عندما ينظرن صوراً لأطفال آخرين ،مما يشير إلى أن هذه التغيرات الهيكلية قد تساعد على زيادة علاقتهن مع أطفالهن.
ومن المثير للاهتمام، أن هذه المناطق الدماغية نفسها تميل إلى الانكماش عندما تبلغ الفتيات فترة المراهقة، كأنها لا حاجة لهذه الوصلات الدماغية فهي “مجردة”، من كل ما يؤدي إلى التعزيز المعرفي و المعالجة العاطفية .
وكتب الباحثون أن استمرار هذه العملية بعد الولادة قد يؤدي إلى تعزيز “قدرة الأم على التعرف على احتياجات طفلها الكثيرة للغاية، ولفك المحفزات الاجتماعية التي قد تكون مؤشرا على خطريتهدد الطفل أو لتعزيز الروابط بين الأم و الرضيع “.
إن هذا التنظيم في قشرة المخ عند المراهقات يتم بواسطة الهرمونات مثل الإستراديول، مما حدا بمعدي هذه الدراسة إلى التكهن بأن الهرمونات قد تكون أيضا سببا لهذه الظاهرة أثناء الولادة.
بعد ذلك بعامين، قام الباحثون بمتابعة مسح لقشرة الدماغية لجميع الأمهات الجدد اللواتي لم ينجبن طفل ثان، ووجدوا أن هذه التغييرات في بنية الدماغ كانت لا تزال موجودة.
ومن المثير للاهتمام،أنه قد لوحظت التغيرات الدماغية هذه على أمهات القوارض كذلك ، حيث تساعدها هذه التغيرات في البحث عن الطعام حتى تتمكن من توفيره لصغارها. ومن الواضح أن البشر والقوارض وضعوا تحت ضغوط تطورية مختلفة تماما، وإن جنسنا البشري يعتمد أكثر على الإدراك الاجتماعي من قدرات الكسح. و بالرغم من ذلك ففي كلا المثالين، تقوم التأثيرات العصبية الناتجة عن الوﻻدة بتزويد الأمهات الجدد بما يساعدهن على توفير المساعدة لأطفالهن .