” يقوم غطاء الرأس هذا بقياس الأشعة تحت الحمراء المنبعثة من الدماغ لمعرفة كيف يجيب المريض بنعم أو لا. مركز ويس “.
تمكن المرضى الذين يتمتعون بوعي طبيعي ولكنهم مصابون كلياً بالشلل من التواصل مع أطبائهم وعائلاتهم بواسطة جهاز يقوم بقياس مستوى الأوكسجين في الدماغ. ومن المدهش أن المرضى الذين قد منحوا هذهِ الفرصة يعتبرون أنفسهم سعداء بشكل جليّ. وعلى الرغم من أن هذهِ التقنية مقتصرة على جواب “نعم” أو “لا” في الوقت الحالي ورغم عدم دقتها دائماً، إلا أنها يمكن أن تغير حياة المرضى نحو الأفضل وتقود إلى تقنيات تواصل متطورة أكثر.إن متلازمة المنحبس (Locked-in syndromee) كابوس شائع. يستطيع المصاب بهذهِ المتلازمة السمع والإحساس والرؤية أحياناً. يمكن أن تحدث هذهِ المتلازمة فجأة عن طريق سكتة دماغية (Stroke) أو كنتيجة نهائية لمرض عضال (Progressive disease) مثل التصلب الجانبي الضموري (Amyotrophic lateral sclerosis ALS)، وهي الحالة التي يعاني منها عالم الفيزياء النظرية ستيفن هوكينك (Stephen Hawking). متلازمة المنحبس ليست تامة 100% دائماً. وفي حالات معروفة، كما عند الصحفي والكاتب الفرنسي جان دومينيك بوبي (Jean-Dominique Bauby)، كان التواصل ممكناً عن طريق الطرف بالعين (Blinking).تقدّم البروفيسور نيلز بيربومير (Professor Niels Birbaumerr)، من مركز ويس للهندسة الحيوية والعصبية (Wyss Center for Bio and Neuroengineering) في جنيف، خطوة للأمام في هذا المجال. تحدث البروفيسور في مجلة PLOS Biology عن نجاحه في مراقبة مشاعر المرضى المصابين بمتلازمة المنحبس الكاملة (Complete locked-in syndrome CLIS) الذين لا يستطيعون حتى الطرف بأعينهم. إستخدم بيربومير تقنية تسمى التصوير الطيفي الوظيفي بالأشعة المقاربة لتحت الحمراء (Functional infrared-near spectroscopy fNRIS) لقياس مستوى الأوكسجين في الأجزاء المركزية الأمامية (Frontocentral) من الدماغ.في البداية، قام بيربومير بطرح أسئلة على المرضى يعرفها كلا الطرفين، مثل “هل باريس هي عاصمة فرنسا؟” و”هل باريس هي عاصمة ألمانيا؟”. مثل هذين السؤالين قادا إلى مستويين مختلفين للأوكسجين في الدماغ، مما يشير إلى أن المرضى كانوا يستجيبون بـ”نعم” لسؤال وبـ”لا” لآخر.
من خلال هذهِ الأسئلة، كون بيربومير إنطباعاً عن كيفية جريان الدم عند كل مريض عندما قام بالبحث عن جواب إيجابي وسلبي قبل توجيهه أسئلة يستطيع المرضى وحدهم الإجابة عنها.كان يمكن لبيربومير أن يعرف فيما إذا كانت عند المرضى إحتياجات عاجلة، وقام بطرح المزيد من الأسئلة العامة حول السعادة حاصلاً على نتائج غير متوقعة.
غالباً ما ينظر إلى متلازمة المنحبس التامة على أنها حياة من الإحباط والملل، والعديد من الناس يرغبون بالحصول على الدعم في حياتهم للتخلص من إحتمالية الإصابة. في حين أبدى جميع المرضى الأربعة في هذه التجربة شعورهم بالسعادة طوال أسابيع. قد تكون هذهِ المجموعة عينة غير قياسية بهذا الصدد، لأنهم كانوا جميعاً مصابين بالتصلب الجانبي الضموري، حيث كان التدهور التدريجي في صحتهم ينذر بالإصابة بمتلازمة المنحبس التامة؛ وقد منحوا التوجيهات اللازمة للحفاظ على حياتهم.
ما تزال طريقة بيربومير غير مثالية. أصبح المرضى أفضل في السيطرة على توقيت تدفق دمهم من خلال التدرب، لكن بيربومير مضى ليسأل عن حالتهم عندما أعطى التصوير الطيفي الإجابة الصحيحة عن أسئلة معروفة خلال 70% من الوقت. هذهِ الطريقة ليست دقيقةً بالشكل الكافي لإتخاذ قرارات الحياة أو الموت بشأن المرضى على الرغم من أنها أفضل من المصادفة. لتعويض نقص الدقة ذاك، طرح بيربومير أسئلة هامة خلال عدة أيامٍ رغم أن الأجابات كانت مخيبة للآمال أحياناً. طلبت إحدى العائلات من الوالد المصاب بمتلازمة المنحبس السماح لابنته بالزواج من رفيقها، حيث بينت النتائج رفضه تسع مرات من أصل عشر.